بالقربان والجودة، فما يبقى لي، وأنا أقرأ بني إسرائيل للتوراة؟! ليس لي على هذا صبر، فقال موسى: من الله، فقال: لا أصدقك حتى تأتي على ذلك بآية، فأمر موسى أشراف قومه بوضع عصيهم في بيت، ففعلوا، وباتوا يحرسونها، فأصبحت عصا هارون مورقة خضراء، فقال قارون: ما هذا بأعجب مما تصنع من السحر، واعتزل موسى، وجعل موسى يداريه؛ لما بينهما من القرابة، وهو لا يلتفت إليه، وبنى دارًا، وصَفَّحها بالذهب، وجعل أبوابها ذهبًا، وتكبر بسبب كثرة ماله على موسى، ولما نزلت الزكاة، صالحه موسى على أن يعطيه عن كل ألف دينار دينارًا، وعن كل ألف درهم درهمًا، وعن كل ألف شاةٍ شاة، ثم رجع موسى إلى بيته، فجمعها، فرآها جملة عظيمة، فلم تسمح بذلك نفسه، فمنعها، وخرج عن طاعة موسى، وأحضر امرأة بَغِيًّا، وأمرها بقذف موسى بنفسها، فلما كان يوم العيد، قام موسى خطيبًا، فقال: من سرقَ قطعناه، ومن زنى غيرَ محصَنٍ جلدناه، ومن زنى محصنًا رجمناه، فقال قارون: ولو كنت أنت؟! قال: وإن كنت أنا، فقال: فإن بني إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة، فأُحضرت، فأنشدها موسى بالله أن تصدق، فقالت: جعل لي قارون جُعلًا على أن أرميكَ بنفسي، فخرَّ موسى ساجدًا يبكي، وقال: يا رب! إن قارون قد بغى علي، فأقبل موسى حتى دخل قارون، وقال: يا عدو الله! تبعث إلي المرأة على رؤوس بني إسرائيل تريد فضيحتي؟! يا أرض خذيه، فساخت داره في الأرض ذراعًا، وسقط قارون عن سريره، فأخذته الأرض إلى ركبتيه، فقال: يا موسى! أغثني، فقال: يا عدو الله تبني مثل هذه الدار، وتشرب في آنية الذهب والفضة، وأنا أدعوك إلى [حظك] فلا تقبله، وتقول: إنما أوتيته على علم عندي؟! يا أرض خذيه، فأخذته، روي أنه ناشده سبعين مرة،