للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ -رضي الله عنهما- قال: "بَيْنا الناسُ بِقُباءَ في صلاةِ الصُّبْح إذْ جاءهم آتٍ، وقال لهم: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد أُنزل عليه الليلةَ قرآن، وقد أُمِرَ أَنْ يستقبلَ الكعبةَ، فاستقبِلُوها"، وكانت وجوهُهم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة (١)، فلما تحولت القبلةُ، قالت اليهود: يا محمَّدُ! ما هو إلَّا شيءٌ تبتدعُه من تلقاء نفسك، فتارةً تصلِّي إلى بيتِ المقدس، وتارةً إلى الكعبة، ولو ثبتَّ على قبلتِنا، لكنَّا نرجو أن تكون صاحِبَنا الذي ننتظره (٢)، فأنزل الله تعالى:

{وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ} يعني: أمرَ الكعبةِ.

{أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ} لأنه في بشارةِ أنبيائهم أنه يصلِّي إلى القبلتين، ثم هَدَّدهم فقال:

{وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} قرأ أبو جعفرٍ، وابنُ عامرٍ، وحمزةُ، والكسائيُّ، ورَوْحٌ: (تَعْمَلُونَ) بالخطاب، يريد: إنكم يا معشر المؤمنين تطلبونَ مرضاتي، وما أنا بغافل عن ثوابكم وجزائكم. وقرأ الباقونَ بالغيب؛ يعني: ما أنا بغافل عما يفعلُ اليهود، فأجازيهم في الدنيا والآخرة (٣).


(١) رواه البخاري (٣٩٥)، كتاب: أبواب القبلة، باب: ما جاء في القبلة، ومسلم (٥٢٦)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة.
(٢) انظر: "تفسير البغوي" (١/ ١١٨).
(٣) انظر: "الحجة" لأبي زرعة (ص: ١١٦)، و"الكشف" لمكي (١/ ٢٦٨)، و"تفسير البغوي" (١/ ١١٨)، و"الغيث" للصفاقسي (ص: ١٤٢)، و"الكشاف" للزمخشري (١/ ٢٦٨)، و"التيسير" للداني (ص: ٧٧)، و"النشر في القراءات =