للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن كان خمسون، ضرب به مرتين، وتمسه الأغصان، أو ينكس بعضها على بعض ليناله بعض الألم، فإن برئ، أجزأه، ومذهب أبي حنيفة: يؤخر فلا يجلد حتى يبرأ؛ كمذهب الشافعي، فإن كان ضعيف الخلقة يخاف عليه الهلاك لو ضرب ضربًا (١) شديدًا، يضرب مقدار ما يتحمله من الضرب، ومذهب مالك: لا يضرب إلا بالسوط، ويفرق الضرب، وعدد (٢) الضربات مستحق لا يجوز تركه، فإن كان مريضًا، أخر إلى أن يبرأ؛ كمذهب الشافعي وأبي حنيفة، ومذهب أحمد: يقام الحد في الحال، ولا يؤخر للمرض، ولو رجي زواله، ويضرب بسوط يؤمن معه التلف؛ كالقضيب الصغير، فإن خشي عليه من السوط، أقيم بأطراف الثياب، وعثكول النخل، فإن خيف عليه من ذلك، جمع ضغث فيه مئة شمراخ، فضرب به ضربة واحدة؛ كقول الشافعي.

وأما إذا كان الحد رجمًا، فلا يؤخر بالاتفاق، ولا يقام الحد على حامل حتى تضع بغير خلاف، فأبو حنيفة إن كان حدها (٣) الجلد، فحتى تتعالى؛ أي: تخرج من نفاسها، وإن كان الرجم، فعقيب الولادة، وإن لم يكن للصغير من يربيه، فحتى يستغني عنها، والشافعي: حتى ترضعه اللبأ ويستغني بغيرها، أو فطام لحولين، ومالك وأحمد: بمجرد الوضع.

{إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا} على البلاء، وقول أيوب: {مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ} لم يكن جزعًا؛ لأنها شكاية إلى المحبوب، فدل على أنه في غاية الصبر.


(١) "ضربًا" ساقطة من "ت" و"ش".
(٢) "الضرب وعدد "زيادة من "ت".
(٣) "حدها" ساقطة من "ت".