للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} لا يَعْجَلُ بالمؤاخذةِ.

وتنعقدُ اليمينُ باللهِ وبأسمائهِ وصفاتِه بالاتفاق، وعند الثلاثةِ تنعقدُ إذا حلفَ بكلامِ اللهِ، أو بالمصحفِ، أو بالقرآنِ، خلافًا لأبي حنيفةَ، وتنعقدُ عندَ الإمامِ أحمدَ بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خاصَّةً؛ خلافًا للثلاثة، فإذا حلفَ على أمرٍ مستقبَلٍ، فَحَنِثَ، فعليه كفارةٌ بالاتفاق، وإن حلفَ على أمرٍ ماضٍ أنه كانَ، ولم يكنْ، أو بالعكسِ، عالمًا كان أو جاهلًا، فَحَنِثَ، فهيَ (١) اليمينُ الغموسُ؛ لغمسِهِ في الإثم، فتجبُ الكفارةُ عندَ الشافعيِّ، ولا تجبُ عندَ الثلاثةِ؛ لأنه إنْ كان عالمًا، فهي كبيرةٌ، ولا كفارةَ في الكبائر، وإن كان جاهلًا، فهي يمينُ اللغو.

وقد رُوي عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "مَنْ حلَفَ بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ، نَازَعَ اللهَ فيها حَوْلَهُ وقُوَّتَهُ، عَجَّلَ اللهُ لَهُ العُقُوبَةَ قَبْلَ ثَلاَثٍ"، وصفةُ اليمينِ أن يقولَ: تقلَّدْتُ الحولَ والقوَّةَ دونَ حولِ اللهِ وقُوَّتهِ، إلى حَوْلي وَقُوَّتي إِنْ لَمْ يَكُنْ ما قُلْتُه حَقًّا. ونُقل أَنَّ بعضَ الناسِ حلفَ بهذهِ اليمين، وكان كاذبًا، فهلكَ في يومِهِ، ذُكر ذلكَ في "شرح المقامات" للشريشي (٢) بأبسطَ من هذا.


= (ص: ١٥٧)، و"معجم القراءات القرآنية" (١/ ١٧٢).
(١) في "ن": "فهو".
(٢) هو أحمد بن عبد المؤمن بن موسى أبو العباس الشريشي الأندلسي المالكي النحوي، المتوفى سنة (٦١٩ هـ)، له ثلاثة شروح على "مقامات الحريري" أصغر وأكبر وأوسط. انظر: "هدية العارفين" للبغدادي (١/ ٤٧).