فكلُّ ما أنزل في كتابه -جل ثناؤه- رحمة وحجة، عَلِمَه مَنْ عَلِمَه، وجَهِلَه مَنْ جَهِلَه، لا يَعْلَم مَنْ جَهِلَه، ولا يَجْهَلُ مَنْ عَلِمَه.
والناس في العلم طبقات، موقعهم من العلم بقدر درجاتهم في العلم به.
فَحُقَّ على طلبة العلم بلوغُ غايةِ جُهدهم في الاستكثار من علمه، والصبر على كل عارض دون طلبه، وإخلاص النية لله في استدراك علمه؛ نصًّا واستنباطًا، والرغبة إلى الله في العون عليه، فإنه لا يدرك خير إلا بعونه.
فإن من أدرك علم أحكام الله في كتابه نصًّا واستدلالًا، ووفَّقه الله للقول والعمل بما علم منه، فاز بالفضيلة في دينه ودنياه، وانتفت عنه الرِّيَب، ونَوَّرت في قلبه الحكمةُ، واستوجب في الدين موضعَ الإمامة.
فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها.
قال الله تبارك وتعالى:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[إبراهيم: ١].