فكرهوا رَجْمَهما، فأرسلوا بهما مع جماعةٍ من قريظةَ والنضيرِ ليسألوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن حدِّهما عندهَ، وقالوا: إنْ أَمَرَكُم محمدٌ بالجَلْدِ، فاقبلوا، وإن أمرَكُم بالرَّجْم، فاحْذَروا، فعلَى هَذا (سَمَّاعونَ) الأولى لأهلِ خيبر، والثانيةُ قريظةُ والنضيرُ، فحكمَ - صلى الله عليه وسلم - بالرجم، فَرُجِما عندَ باب المسجد بعدَ إنكارِهم ذلكَ، وبعد أن أراهم عبدُ اللهِ بنُ سلامٍ ذلكَ الحكمَ في التوراة، فكان الزاني بالمرأة حالةَ الرجم يَحْنَى على المرأةِ يَقيها الحجارةَ، وقالَ - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَكَ إِذْ أَمَاتُوهُ"(١).
{يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} أي: يميلونه عن مواضعِهِ التي وُضع عليها من الصحةِ {يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا} أي: الحكمَ المغيَّرَ، وهو الجلدُ {فَخُذُوهُ}.
{فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} لن تقدَر على دفعِه عنه.
{أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} من الكفرِ، فيه رَدٌّ على من يُنْكِرُ القَدَر.
{لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ} هَوانٌ بالجزيةِ، ورؤيتُهم من محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِه ما يكرهون {وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} الخلودُ في النار.
...
(١) رواه مسلم (١٧٠٠)، كتاب: الحدود، باب: رجم اليهود أهل الذمة في الزنى، عن البراء بن عازب -رضي الله عنه-.