للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلمةٍ، وفي كلمتين؛ إن تعلَّقَ أحدُهما بالآخَرِ، وإلَّا كُرِهَ.

وأجازها أكثرُ الأئمة مطلقًا، وجعل خطأَ مانعي ذلك مُخَفَّفًا.

قال الحافظ العلامة ابن الجزريِّ -رحمه الله-: والصوابُ في ذلك عندنا (١) التفصيلُ، والعدول بالتوسُّط إلى سواء السبيل، فنقول: إن كانت إحدى القراءتين مترتبةً على الأخرى، فالمنعُ من ذلك منعُ تحريم؛ كمن يقرأ: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ (٣٧)} [البقرة: ٣٧] بالرفع فيهما، أو بالنصب، آخذًا رفعَ (آدَمُ) من قراءة غير ابن كثير، ورفعَ (كَلِمَاتٌ) من قراءة ابن كثير (٢)، ونحو: (وكَفَّلَها زَكَرِيَّا) بالتشديد مع الرفع، أو عكس ذلك (٣)، ونحو: (وَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ) وشبهِه مما يُرَكَّب بما لا تجيزُه العربية، ولا يصحُّ في اللغة، وأما ما لم يكنْ كذلك، فإنا نفرِّق فيه بين مقامِ الرواية وغيرها:

فإن قرأَ بذلك على سبيل الروايةِ، فإنه لا يجوزُ أيضًا، من حيثُ إنه كذبٌ في الرواية، وتخليطٌ على أهلِ هذهِ الدراية.


(١) في "ن" و"ظ": "عندنا في ذلك".
(٢) قراءة ابن كثير: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٌ} والباقون برفع آدم، انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ١٥٣)، و"تفسير البغوي" (١/ ٩٣)، و"التيسير" للداني (ص ٧٣)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢١١) و"معجم القراءات القرآنية" (١/ ٤٨)، ووجَّه البغوي -رحمه الله- قراءة ابن كثير بقوله: يعني: جاءتِ الكلماتُ آدمَ من ربه، وكانت سببَ توبته.
(٣) انظر: توجيه المؤلف لقراءات هذه الآية، في تفسير سورة آل عمران، الآية: ٣٧.