للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السَّمِينَ؟! فَأَنْتَ الْحَبْرُ السَّمِينُ، قَدْ سَمِنْتَ مِنْ مَالِكَ الَّذِي يُطْعِمُكَ الْيَهُودُ"، فضحكَ القومُ، فغضبَ، ثم التفتَ إلى عمرَ فقالَ: ما أنزلَ اللهُ على بشرٍ من شيء، فقالَ له قومُه: وَيْلَكَ! ما هذا الذي بلغَنا عنكَ؟! فقالَ: إنه أغضبني، فقلتُ ذلك، فقالوا له: وأنتَ إذا غضبتَ تقولُ على الله غيرَ الحق؟! فَنَزعوهُ من الحبرية، وجعلوا مكانه كعبَ بنَ الأشرفِ، فنزلت الآيةُ (١)، ثم قالَ نَقْضًا لقولهم، ورَدًّا عليهم:

{قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} يعني: التوراة.

{نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ} نَيِّرًا وهادِيًا.

{تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ} دفاترَ مبدَّدة.

{تُبْدُونَهَا} تُظهرون ما تحبون.

{وَتُخْفُونَ كَثِيرًا} من نعتِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وآيةِ الرجم. قرأ ابنُ كثيرٍ، وأبو عمروٍ: (يَجْعَلُونَهُ) (يُبْدُونَهَا) (وَيُخْفُونَ) بالغيبِ في الثلاثة؛ لقوله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}، وقرأ الباقون: بالخطاب فيهن (٢)؛ لقوله: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى}، وقولُه:

{وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا} بالخطابِ لليهودِ؛ أي: علمتم على لسانِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - ما لم تعلموا.


(١) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤/ ١٣٤٢)، عن سعيد بن جبير، وانظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: ١٢٢).
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٢٦٢)، و"التيسير" للداني (ص: ١٠٥)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٤٤)، و"معجم القراءات القرآنية" (٢/ ٣٩٢ - ٣٩٣).