للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأوْلَى بالحقِّ عندي أن يُرَدَّ إلى يَدِ الأوَّلِ (١).

(١٧٧٧) قال الشافعي: وإذا بَلَغَ اللَّقِيطُ، فاشْتَرَى وباعَ ونَكَحَ وأصْدَقَ، ثُمّ أقَرَّ بأنّه عبدٌ لرجلٍ .. ألْزَمْتُه ما لَزِمَه قبلَ إقرارِه، وفي إلزامِه الرِّقَّ قولان؛ أحدُهما: أنّ إقرارَه يَلْزَمُه في نفسِه وفي الفضلِ مِنْ مالِه عمّا لَزِمَه، ولا يُصَدَّقُ في حَقِّ غيرِه، ومَن قال: أصَدِّقُه في الكُلِّ قال: لأنّه مجهولُ الأصْلِ، ومَن قال القولَ الأوَّلَ قاله في امرأةٍ نَكَحَتْ ثُمَّ أقَرَّتْ بمِلْكٍ لرَجلٍ: لا أصَدِّقُها على إفسادِ النكاحِ، ولا ما يَجِبُ عليها للزَّوْجِ، وأجْعَلُ طلاقَه إيّاها ثلاثًا، وعِدَّتَها ثلاثَ حِيَضٍ، وفي الوفاةِ عِدَّةَ أمَةٍ؛ لأنّه ليس عليها في الوفاةِ حَقٌّ يَلْزَمُها له، [وأجْعَلُ وَلَدَه قبل الإقرارِ وَلَدَ حُرَّةٍ، وله الخيارُ، فإنْ أقام على النكاحِ كان وَلَدُه رَقِيقًا (٢)، وأجْعَلُ مالها لمَن أقَرَّتْ له بأنّها أمَتُه.

قال المزني: قلت أنا: أجْمَعَت العلماءُ أنّ مَنْ أقَرَّ بحَقٍّ لَزِمَه، ومَن ادّعاه لم يَجِبْ له بدَعْواهُ، وقد لَزِمَتْها حُقُوقٌ بإقْرارِها، فليس لها إبْطالُها بدَعْواها (٣).


(١) وافق المزني في ترجيح قول عدم اشتراط التفصيل في الشهادة جماعة، وقد قطع به بعضهم، وذلك كما لو شهدت في دار أو دابة أو غيرهما من الأموال، ورجَّحَ اشتراط التفصيل آخرون منهم إمام الحرمين وصاحب «التهذيب» والروياني والرافعي في «المحرر»، وذلك لأن أمر الرق خطر يخالف سائر الأموال، وقال النووي: «كل من الترجيحين ظاهر». انظر: «العزيز» (١٠/ ٥٧٠) و «الروضة» (٥/ ٤٤٥).
(٢) ما بين المعقوفتين من ز ب س، وسقط من ظ.
(٣) اختلف الأصحاب في قول الشافعي: «ألزمته ما ألزمه به قبل إقراره، وفي إلزامه الرقَّ قولان» على طريقين: أحدهما ويحكى عن أبي الطيب بن سلمة - فيه القولان في قبول أصل الإقرار، وجه عدم القبول: أنه محكوم بحريته بظاهر الدار، فلا يملك إسقاط أحكامها؛ كما لو أقر بالحرية ثم بالرِّق، ووجه القبول: أن ذلك الحكم كان بناء على ظاهر تصرفاته، فيجوز أن يغير بالإقرار؛ كما أن من حُكِم بإسلامه بظاهر الدار فبَلَغَ وأَعرَبَ بالكفر يُجعَل كافرًا أصليًّا، وأصحهما - فيه القولان في إلزامه أحكام الرق مع القطع بقَبول أصل الإقرار، وثبوت أحكام الأرقاء له في المستقبل مطلقًا، وتخصيص القولين بأحكام التصرفات السابقة، فأحد القولين: القبول في أحكامها أيضًا، سواء كان مما يضر به، أو ينفع ويضر غيره؛ لأنه لا تهمة فيه؛ إذ الإنسان لا يرق نفسه لإلحاق ضرر جرى بالغير، ولأن تلك الأحكام فروع الرق، فإذا قبلنا إقراره في الرق الذي هو الأصل، وجب القبول في أحكامه التي هي فروع له، وأظهرهما: المنع في الأحكام التي تضر بغيره، وتخصيص القول بالأحكام التي تضر به؛ كما لو أقر بمال على نفسه وعلى غيره، فإنه يُقبَل عليه، ولا يُقبَل على غيره، وهذا اختيار المزني. انظر: «العزيز» (١٠/ ٥٨٠) و «الروضة» (٥/ ٤٤٧).