قُرًى عَرَبِيّةٍ أفاءها اللهُ عليه أربعةُ أخماسِها لرسولِ اللهِ صلى الله عليه خاصّةً دُون المسلمين، يَضَعُه حيثُ أراه اللهُ.
(١٨٩٩) وقال عمر بن الخطاب حين اخْتَصَم إليه العباسُ وعليٌّ في أموالِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: «كانتْ أموالُ بني النَّضِيرِ ممّا أفاء اللهُ على رسولِه ممّا لم يُوجِف المسلمون عليه بخيلٍ ولا رِكابٍ، فكانتْ لرسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- خاصَّةً دون المسلمين، فكان يُنْفِقُ منها على أهْلِه نَفَقَةَ سَنَةٍ، فما فَضَلَ جَعَلَه في الكُراعِ والسِّلاحِ عُدَّةً في سبيلِ الله، ثُمّ تُوُفِّيَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فوَلِيَها أبو بكرٍ بمِثْلِ ما وَلِيَها به رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، ثُمّ وَلِيَها عمرُ بمِثْلِ ما وَلِيَها به رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكرٍ الصديق رحمة الله عليه، فوَلَّيْتُكُماها على أنْ تَعْمَلا فيها بمِثْلِ ذلك، فإنْ عَجَزْتُما عنها فادْفَعاها إليَّ أكْفِكُماها».
قال الشافعي: وفي ذلك دَلالةٌ على أنّ عُمَرَ حَكَى أنّ أبا بكرٍ وهو أمْضَيَا ما بَقِيَ مِنْ هذه الأمْوالِ التي كانتْ بيَدِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- على وَجْهِ ما رَأيَا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَعْمَلُ به فيها، وأنّه لم يَكُنْ لهما ممّا لم يُوجِفْ عليه مِنْ الفَيْءِ ما للنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وأنّهما فيه أسْوَةُ المسلمين، وكذلك سِيرَتُهما وسيرةُ مَنْ بعدهما، وقد مَضَى مَنْ كان يُنْفِقُ عليه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم أعْلَمْ أحَدًا مِنْ أهْلِ العلمِ قال: إنّ ذلك لوَرَثَتِهم، ولا خالَفَ في أنْ تُجْعَلَ تلك النفقاتُ حيثُ كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَجْعَلُ فُضُولَ غَلّاتِ تلك الأموالِ ممّا فيه صَلاحُ الإسلامِ وأهْلِهِ، قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يَقْتَسِمَنَّ وَرَثَتِي دينارًا، ما تَرَكْتُ بعد نَفَقَةِ أهْلِي ومَؤُونَةِ عامِلي فهو صدقةٌ».