(٢) اختلف الأصحاب في ذلك .. فعن أبي إسحاق وابن سريج أنهما توسطا فقالا: إن كانت المرأة عالمة بأنه لم يَنوِ إلا واحدة .. استحق تمام الألف، وهو المراد من النص؛ لأنها إذا علمت الحال لا تبذل الألف إلا في مقابلة تلك الواحدة، ويكون غرضها تحقيق الحرمة الكبرى، وتعني بقولها: (طلقني ثلاثًا) كمل لي الثلاث، فأما إذا لم تعلم .. فإنما تبذل الألف في مقابلة الثلاث، فوجب أن يتوزع كما قاله المزني، وأخذ القفال وأبو علي وأبو الطيب بن سلمة وأكابر الأئمة بظاهر النص، وقالوا: لا فرق بين أن تكون عالمة أو جاهلة، والزوج يستحق تمام الألف في الحالين؛ لأن الواحدة والصورة هذه كالثلاث إذا كانت مملوكة له، وأبطلوا التنزيل المذكور بأنه نص في «الأم» فيما إذا قالت: «طلقني ثلاثًا بألف»، وهو لا يملك إلا طلقتين، على أنه إن طلقها واحدة يستحق ثلث الألف، وإن طلقها ثنتين يستحق الكل، وهي إما عالمة أو جاهلة، إن كانت عالمة وجب أن تستحق بالواحدة نصف الألف؛ لأنها بذلت المال في مقابلة الطلقتين، وإن كانت جاهلة لا تستحق بطلقتين إلا ثلثي الألف، فظهر أنه لا فرق عنده بين العلم والجهل، وهذا أصح الطرق، وجرى بعضهم على ما أطلقه المزني وقالوا: الواجب الثلث، علمت المرأة بما بقي من الطلاق أو لم تعلم، ويروى ذلك عن ابن خيران. وانظر: «العزيز» (١٤/ ٤٣٦) و «الروضة» (٧/ ٤١٨).