في امرأةِ حِبّانَ بنِ مُنْقِذٍ، طَلَّقَها وهو صحيحٌ وهي تُرْضِعُ، فأقامَتْ تسعةَ عَشَرَ شَهْرًا لا تَحِيضُ، ثُمّ مَرِضَ: ما تَرَيان؟ قالا:«نَرَى أنّها تَرِثُه إن ماتَ، ويَرِثُها إن ماتَتْ؛ فإنّها ليْسَتْ مِنْ القَواعِدِ اللّائي يَئِسْنَ مِنْ المحِيضِ، وليْسَتْ مِنْ الأبْكارِ اللّاتي لم يَبْلُغْنَ المحِيضَ، ثُمّ هي على عِدَّةِ حَيْضِها ما كان مِنْ قليلٍ أو كَثيرٍ»، فرَجَعَ حِبّانُ إلى أهْلِه فأخَذَ ابْنَتَه، فلمّا فَقَدَت الرَّضاعَ حاضَتْ حَيْضَتَيْن، ثُمّ تُوُفِّيَ حِبّانُ قبل الثّالثةِ، فاعْتَدَّتْ عِدَّةَ المتوفَّى عنها زَوْجُها ووَرِثَتْه، وقال عطاءٌ:«كما قال اللهُ تبارك وتعالى إذا يَئِسَتِ اعْتَدَّتْ ثلاثةَ أشْهُرٍ»، وقال الشافعي في قولِ عُمَرَ في التي رَفَعَتْها حَيْضَتُها:«تَنْتَظِرُ تسعةَ أشْهُرٍ، فإن بان بها حَمْلٌ فذلك، وإلّا اعْتَدَّتْ بعد التِّسْعَةِ ثلاثةَ أشْهُرٍ، ثُمّ حَلَّتْ»: يَحْتَمِلُ قولُه في امْرَأةٍ قد بَلَغَت السِّنَّ التي مَنْ بَلَغَها مِنْ نِسائِها يَئِسَ، فلا يَكُونُ مُخالِفًا لقَوْلِ ابنِ مسعودٍ، وذلك وَجْهُه عندنا (١).
(٢٦٢٣) قال الشافعي: ولو ماتَ صَبِيٌّ لا يُجامِعُ مِثْلُه، ووَضَعَت امْرَأتُه قَبْل أرْبَعَةِ أشْهُرٍ وعَشْرٍ .. أكْمَلَتْ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وعَشْرًا؛ لأنّ الوَلَدَ ليْسَ منه، فإن مَضَتْ قَبْل أنْ تَضَعْ حَلَّتْ منه.
(٢٦٢٤) وإنْ كان خَصِيًّا بَقِيَ له شَيْءٌ يَغِيبُ في الفَرْجِ، أو لم يَبْقَ له
(١) هذا الجديد: أن المرأة إذا انقطع حيضها لا لعلة تُعرَف أنها تصبر إلى أن تحيض فتعتد بالأقراء أو تبلغ سن اليأس، وفي القديم قولان: أظهرهما - أنها تتربص غالب مدة الحمل تسعة أشهر؛ لتعرف فراغ الرحم، ثم تعتد بثلاثة أشهر، والثاني: تتربص أربع سنين؛ لتتيقن براءة الرحم، ونسب أبو الفرج الزاز الأول من القديمين إلى رواية الزعفراني، والثاني إلى رواية البويطي، وإذا قلنا بالجديد وهو انتظار سن اليأس ففي النسوة المعتبرات قولان: أظهرهما وإليه ميل الأكثرين - يعتبر أقصى يأس نساء العالم، قال إمام الحرمين: «ولا يمكن طوف العالم، وإنما المراد ما يبلغ خبره ويعرف»، والقول الثاني - أنه يعتبر يأس عشيرتها من الأبوين، نص عليه في «الأم». انظر: «النهاية» (١٥/ ١٥٩) و «العزيز» (١٦/ ٥٨) و «الروضة» (٨/ ٣٧١).