قال المزني: قد أوْجَبَ لها في مَوْضِعٍ مِنْ هذا نَفَقَةَ خادِمٍ، وقالَه في «كتاب النكاح إملاء على مسائل مالك المجموعة»، وقاله في «كتاب النفقة»، وهو بقَوْلِه أوْلَى؛ لأنّه لم يَخْتَلِفْ قَوْلُه أنّ عليه أن يُزَكِّيَ عن خادِمِها، فكذلك يُنْفِقُ عليها، قال المزني: وممّا يُؤكِّدُ ذلك قَوْلُه: «لو أراد أن يُخْرِجَ عنها أكْثَرَ مِنْ واحدةٍ أخْرَجَهُم»(١).
(٢٧٥٢) قال الشافعي: ويُنْفِقُ المكاتَبُ على وَلَدِه مِنْ أمَتِه، وقال في «كتاب النكاح»: لو كانَت امْرَأتُه مُكاتَبَةً، وليس كِتابَتُهما واحدةً، ولا مَوْلاهُما واحِدًا، ووُلِدَ له في الكِتابَةِ أوْلادٌ .. فنَفَقَتُهُم على الأمِّ؛ لأنّها أحَقُّ بهم، ويُعْتَقُون بعِتْقِها.
(١) توهم المزني أن للشافعي قولين في وجوب نفقة الخادمة، وذلك أنه في قيد إيجاب الخدمة بالحال التي لا تقدر على ما لا صلاح لبدنها من زمانة ومرض، فأوهم عدم الوجوب في غير هذه الحالة؛ كما أنه ذكر في كتاب عشرة النساء لفظ «الاحتمال» موهمًا التردد، ثم احتج بوجوب زكاة الفطر على الزوج، وقد علمت أن زكاة الفطر تابعة للنفقة، فلو اختلف قوله في وجوب نفقتها لاختلف قوله في وجوب زكاة الفطر عنها، فرجح القول بأن نفقة الخادم واجبة عليه إذا كانت مخدومة في عشيرتها، وعلى مثل هذه الطريقة جرى جارون على ما حكاه أبو الفرج السرخسي وغيره، والمذهب الذي عليه الجمهور القطع بالوجوب، قالوا: وإنما اختلف جوابه لاختلاف حالين، اختلف أصحابنا فيهما على وجهين: أحدهما - أن الموضع الذي أوجب فيه نفقة خادمها إذا كان مثلها مخدومًا، والموضع الذي أسقط فيه نفقة خادمها إذا كان مثلها غير مخدوم، والوجه الثاني - أن الموضع الذي أوجب فيه نفقة خادمها إذا كان مشترًى، والموضع الذي أسقط فيه نفقة خادمها إذا كان مكترًى، قالوا: وأما تقييد الشافعي في كلامه بالمرض والزمانة .. فيحتمل أنه نص على أظهر الحالين، قال الروياني: «وكثيرًا ما ينص الشافعي على أظهر الصورتين ولا يقصد الفرق بين الصورتين»، وأما قوله في كتاب عشرة النساء: «يحتمل أن يكون عليه لخادمها نفقة» .. فليس في ذلك تعليق القول، قال الروياني: «وقد ذكر الشافعي لفظ الاحتمال في مواضع ولم يقصد تعليق القول، وكذلك قال في مسائل كثيرة: (ولا يبين لي كذا وكذا) ولم يقصد به القولين في المسألة». انظر: «الحاوي» (١١/ ٤٢٠) و «البحر» (١١/ ٤٤٤) و «العزيز» (١٦/ ٥٦١) و «الروضة» (٩/ ٤٤).