للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٢٨٤٨) ولو جَرَحَه مُسْلِمًا، فارْتَدَّ، ثُمّ أسْلَمَ، ثُمّ ماتَ .. فالدِّيَةُ والكفّارَةُ، ولا قَوَدَ للحالِ الحادِثَةِ (١)، ولو ماتَ مُرْتَدًّا كان لِوَلِيِّه المسْلِمِ أن يَقْتَصَّ بالجُرْحِ.

قال المزني: القياسُ (٢) عندي على أصْلِ قَوْلِه أن لا وِلايَةَ لمسْلِمٍ مِنْ مُرْتَدٍّ كما لا وِراثَةَ له منه، وكما أنّ مالَه للمُسْلِمِين فكذلك الوَلِيُّ في القِصاصِ مِنْ جُرْحِه وَلِيُّ المسْلِمِين (٣).

(٢٨٤٩) قال الشافعي: ولو فَقَأ عَيْنَيْ عَبْدٍ قِيمَتُه مائتان مِنْ الإبِلِ، فأعْتِقَ، فماتَ .. لم يَكُنْ فيه إلّا دِيَةٌ؛ لأنّ الجنايَةَ تَنْقُصُ بمَوْتِه حُرًّا، وكانَت الدِّيَةُ لسَيِّدِه دُون وَرَثَتِه.


(١) هكذا النص في «المختصر» و «الأم» أنه لا يجب القصاص، وعن رواية الصيدلاني وغيره فيما إذا جَرَحَ ذمي ذميًّا أو مستأمنًا، فنقض المجروح العهد والتحق بدار الحرب ثم جدد العهد ومات بالسراية: أن النص أنه يجب القصاص، واختلف الأصحاب في النصين على طريقين: أصحهما - أن في الصورتين قولين: أحدهما - يجب القصاص؛ لأنه مضمون بالقصاص في حالتي الجرح والموت، ولا نظر إلى ما يتخللها، والثاني - لا يجب؛ لأنه انتهى إلى حالة لو مات فيها لم يجب القصاص، فصار ذلك شبهة دارئة للقصاص، وهذا القول الأظهر عند الجمهور، والأصح أن موضع القولين حيث قصرت المدة، فإن طالت لم يجب القصاص بلا خلاف؛ لأن القصاص يتعلق بالسراية والجناية معًا، والطريق الثاني - تنزيل النصين على حالين؛ فحيث قال: «لا يجب القصاص» فذلك إذا طالت مدة الإهدار بحيث يظهر أثر السراية ويجعل له وقع واعتبار، وحيث قال: «يجب» فذاك إذا قصرت المدة بحيث لا تجعل للسراية فيها اعتبار ووقع. انظر: «العزيز» (١٧/ ٣٦٧) و «الروضة» (٩/ ١٦٩).
(٢) كذا في ز ب س، وفي ظ: «القصاص».
(٣) اختلف الأصحاب في المستوفي، فقال قائلون: مستوفيه الإمام كما قاله المزني، وصوبوه في الحكم والتوجيه، وغلطوه في فهم كلام الشافعي -رضي الله عنه- في الاعتراض، وقالوا: أراد الشافعي بالولي: الإمام، وقال الجمهور: يستوفيه قريبه الذي كان يرثه لولا الردة؛ لأن القصاص للتشفي ودرك الغيظ، وذلك يتعلق بالقريب، دون الإمام، ثم إن في المسألة قولًا آخر من تخريج ابن سريج بإسقاط القصاص رأسًا، والأظهر المنصوص: الأول. انظر: «العزيز» (١٧/ ٣٦٠) و «الروضة» (٩/ ١٦٩).