للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَوْمَ صِفِّينَ [بأسِيرٍ، فقال له عليٌّ رحمة الله عليه: «لا أقْتُلُكَ صَبْرًا، إنّي أخافُ اللهَ رَبَّ العالَمِينَ»، فخَلَّى سَبِيلَه والحَرْبُ يَوْمَ صِفِّينَ (١) قائِمَةٌ، ومُعاوِيَةُ يُقاتِلُ جادًّا في أيّامِه كُلِّها مُنْتَصِفًا أو مُسْتَعْلِيًا (٢)، فبهذا كُلِّه أقُولُ، وأمّا إذا لم تكُنْ جَماعَةٌ مُمْتَنِعَةٌ .. فحُكْمُه القِصاصُ، قَتَلَ ابْنُ مُلْجِمٍ عَلِيًّا مُتأوِّلًا، فأمَرَ بحَبْسِه، وقال لوَلَدِه: إن قَتَلْتُمْ فلا تُمَثِّلُوا، ورَأَى عليه القَتْلَ، وقَتَلَه الحسنُ بنُ عليٍّ (٣) وفي النّاسِ بَقِيَّةٌ مِنْ أصْحابِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فما أنْكَرَ قَتْلَه ولا عابَه أحَدٌ، ولم يُقِدْ عَلِيٌّ - وقد وَلِيَ قِتالَ المتَأوِّلِينَ - ولا أبُو بَكْرٍ مَنْ قَتَلَتْه الجماعَةُ الممْتَنِعُ مِثْلُها على التّأوِيلِ عَلَى ما وَصَفْنا، وعلى الكُفْرِ وإنْ كان بارْتِدادٍ إذا تَابُوا، قد قَتَلَ طُلَيْحَةُ عُكاشَةَ بنَ مِحْصَنٍ وثابِتَ بنَ أقْرَمَ ثُمّ أسْلَمَ فلم يَضْمَنْ عَقْلًا ولا قَوَدًا، فأمّا جماعَةٌ مُمْتَنِعَةٌ غَيْرُ مُتَأوِّلَةٍ قَتَلَتْ وأخَذَت المالَ فحُكْمُهُم حُكْمُ قُطّاعِ الطَّرِيقِ.

قال المزني: هذا خِلافُ قَوْلِه في «قِتالِ أهْلِ الرِّدَّةِ» [ف: ٣٣٠٣]؛ لأنّه ألْزَمَهُم هُناك ما وَضَعَ عَنْهُم هُنا، [وهو عندي أشْبَهُ بالقِياسِ (٤).


(١) ما بين المعقوفتين من ز ب س، وسقط من ظ.
(٢) «يقاتل جادا»؛ أي: مجدا مجتهدا، يقال: «جادٌّ ومُجِدٌّ» بمعنى واحد، وقوله: «منتصفا»؛ أي: يفعل كما يفعل به وينال من جيش علي ما ينالون منه ومن جيشه، «أو مستعليا»؛ أي: عاليا؛ أي: يساويه مرة في الغلبة في الحرب ويعلوه أخرى، وقيل: منتصفا عند نفسه في طلب دم عثمان، ومستعليا عند غيره لما علم من براءة علي من قتل عثمان -رضي الله عنهما-»، قال البيهقي: «والأول أصح». انظر: «معرفة السنن» للبيهقي (١٢/ ٢١٨) و «الزاهر» للأزهري (ص: ٤٩٤).
(٣) كذا في ز ب س، وفي ظ: «الحسين بن علي».
(٤) ما بين المعقوفتين من ز س، وسقط من ظ، وفي ب: «وهذا أشبه عندي بالقياس والله أعلم»، وهذا يقلب المعنى؛ لأن المرجح عند المزني هو قوله في قتال أهل الردة كما صرح به هناك، والقول بوجوب الضمان يعزى إلى القديم، وعدم الوجوب هو الأظهر، ويعزى إلى الجديد، والقولان كذلك في ما أتلفه أهل الردة أيضا، وهما فيما أتلفوه في حال الحرب والقتال، أما ما أتلفوه في غير القتال فالضمان والقصاص قولا واحدا. انظر: «العزيز» (١٨/ ٦٧٥) و «الروضة» (١٠/ ٥٥).