للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَوْسٍ يُرْمَى عنها بسَهْمٍ ذِي نَصْلٍ.

(٣٥٣٤) ولا يَجُوزُ أن يَنْتَضِلَ رجلان وفي يَدِ أحَدِهما مِنْ النَّبْلِ أكْثَرُ ممّا في يَدَي الآخَرِ، ولا على أن يُحْسَبَ خاسِقُه خاسِقَيْن والآخَرُ خاسِقٌ، ولا على أنّ لأحَدِهما خاسِقًا راتِبًا لم يَرْمِ به يُحْسَبُ مع خَواسِقِه، ولا على أن يَطْرَحَ مِنْ خَواسِقِه خاسِقًا، ولا على أنّ خاسِقَ أحَدِهما خاسِقان، ولا أنّ أحَدَهما يَرْمِي مِنْ غَرَضٍ، والآخَرَ مِنْ أقْرَبَ منه، إلّا في غَرَضٍ واحِدٍ وعَدَدٍ واحِدٍ، ولا على أن يَرْمِيَ بقَوْسٍ أو نَبْلٍ بأعْيانِها إنْ تَغَيَّرَتْ لم يُبَدِّلْها.

(٣٥٣٥) ومِن الرُّماةِ مَنْ زَعَمَ أنّهما إذا سَمَّيَا قَرَعًا يَسْتَبِقان إليه، فصارا على السَّواءِ أو بينهما زِيادَةُ سَهْمٍ، كان للمُسَبِّق أن يَزِيدَ في عَدَدِ القَرَعِ ما شاء، ومِنهم مَنْ زَعَمَ أنّه ليْسَ له أن يَزِيدَ في عَدَدِ القَرَعِ ما لم يَكُونا سَواءً، ومنهم مَنْ زَعَمَ أنّه ليْسَ له أن يَزِيدَ بغَيْرِ رِضا المسَبَّقِ (١).

قال المزني: هذا أشْبَه بقَوْلِه؛ كما لم يَكُنْ سِباقُهما في الخَيْلِ ولا في الرَّمْيِ في الابتداءِ إلّا باجْتِماعِهما على غايَةٍ واحِدَةٍ، فكذلك في القِياسِ لا يَجُوزُ لأحَدِهما أن يَزِيدَ إلّا باجْتِماعِهما على زِيادَةٍ واحِدَةٍ، وبالله التوفيق (٢).


(١) اختلف قول الشافعي في عقد السبق والرمي: أهو جائز كالجعالة، أو لازم كالإجارة؟ أظهرهما الثاني، ويترتب عليه مسألتان: إحداهما - في فسخ العقد، فلا يجوز إلا برضا الطرفين كما سيأتي، والثانية - في زيادة القرع، وهي هذه المسألة، وفي مراد الشافعي بالقرع هنا ثلاثة تأويلات: أحدها - أنه أراد بالقرع: صحة الإصابة، والثاني - أراد به: عدد الإصابة، والثالث - مال النضال، واختلف أصحابنا فيما أراد الشافعي بما حكاه عن الرماة من مذاهبهم على وجهين: أحدهما - أراد ما ذهب إليه من لزوم العقد وجوازه وزيادته ونقصانه قد قاله غيره وتقدمه به، والثاني - أنه أراد أن يبين أصح مذاهبهم عنده؛ ليعلم صحيحها وفاسدها. انظر: «الحاوي» (١٥/ ٢٢٧) و «العزيز» (٢٠/ ٤٨٦) و «الروضة» (١٠/ ٣٦١).
(٢) قال الماوردي في «الحاوي» (١٥/ ٢٢٨): «اختلف أصحابنا في مراد المزني بكلامه على وجهين: أحدهما - أنه أراد اختيار أحد القولين في لزوم العقد دون جوازه، وعلى هذا يكون مصيبًا في اختياره، مخطئًا في تعليله؛ لأن أظهر القولين لزومه فصح اختياره، وعلل بأنه لما لم ينعقد إلا بالاجتماع لم ينفسخ إلا بالاجتماع، وهذا تعليل فاسد؛ فالعقود الجائزة كلها من المضاربة والوكالة والجعالة لا تنعقد إلا باجتماعهما، ويجوز أن ينفرد بالفسخ أحدهما، والثاني - أنه أراد به إذا دعا إلى زيادة القرع أو نقصانه لا يلزم صاحبه إلا باجتماعهما عليه، وهو موافق لقول الشافعي، فعلى هذا يكون مخطئًا في تأويله، مصيبًا في تعليله؛ لأن الشافعي لم يوجب على كل واحد منهما إلا ما اجتمعا على الرضا به في القولين معًا».