فائدة: هذا النص هو الأقرب إلى ما نَقَلَ الثقاتُ عن الشافعي من قوله: «من استحسن فقد شرع»، والظاهر: أنهم اختصروه من هذا النص، وقد أشار إلى ذلك إمام الحرمين، فقال في «النهاية» (١٨/ ٤٧٣): «صرح الشافعي بما يتضمّن إبطالَ الحكم المستند إلى الاستحسان، والقولُ فيه: أن أصحاب الاستحسان ربما يُسندون ما يَرَوْنه إلى خبر؛ كمصيرهم إلى أن الناسيَ لا يُفطر بالأكل؛ لخبر أبي هريرةَ فيه، وكلُّ مذهبٍ مستندٍ إلى خبر فهو متلقى بالقبول، وعبارة صاحب المقالة عن هذا بالاستحسان على نهاية السخافة والغثاثة؛ فإن قبول الخبر لا محيد عنه، والاستحسانُ يشعر بتردد وميلٍ خفي إلى جانب، ومعظمُ قواعد الاستحسان استصلاح جلي أو خفي لا أصل له في الشريعة، ومعنى قول صاحب المقالة (الاستحسان مقدم على القياس): أن القياس الجاري على وفق قواعد الشريعة مؤخر عن استصلاحٍ لا أصل له في الشريعة، وقد عبّر الشافعي عن غور هذا الفصل بكلمات وجيزة إذ قال: (من استحسن فقد شرع)».