للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

«هِيهِ» (١)، قال: فأنْشَدْتُه بَيْتًا، فقال: «هِيهِ»، حتّى بَلَغْتُ مائةَ بَيْتٍ، وسَمِعَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- الحُداءَ والرَّجَزَ، وقال لابْنِ رَواحَةَ: «حَرِّكْ بالقَوْمِ»، فانْدَفَعَ يَرْجُزُ.

(٣٨٠٦) قال: وإذا كان هذا هكذا، كان تحْسِينُ الصَّوْتِ بذِكْرِ الله والقُرآنِ أوْلَى أن يَكُونَ محْبُوبًا، وقد رُوِيَ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: «ما أذِنَ اللهُ لشَيْءٍ أذَنَه لنَبِيٍّ حَسَنِ التَّرَنُّمِ بالقُرآنِ»، وسَمِعَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عبدَالله بنَ قَيْسٍ يَقْرَأ، فقال: «لقد أُوتِيَ هذا مِنْ مَزامِيرِ آلِ داوُدَ»، قال الشافعي: فلا بأسَ بالقِراءَةِ بالألْحانِ وتَحْسِينِ الصَّوْتِ بأيِّ وَجْهٍ ما كانَ، وأَحَبُّ ما يَقْرَأ حَدْرًا وتَحْزِينًا (٢).

قال المزني: سَمِعْتُ الشّافعيَّ يَقُولُ في قَوْلِه -صلى الله عليه وسلم-: «ليْسَ منّا مَنْ لم يَتَغَنَّ بالقُرآنِ»: «لو كان مَعْنَى: (يَتَغَنَّى بالقُرآنِ) على مَعْنَى الاسْتِغْناءِ لكان: (يَتَغانَى)، و (يَتَغَنّى) مِنْ الغِناء (٣).

(٣٨٠٧) قال: وليْسَ مِنْ العَصَبِيَّةِ أن يُحِبَّ الرَّجُلُ قَوْمَه، والعَصَبِيَّةُ المحْضُ أن يُبْغِضَ الرَّجُلَ لأنّه مِنْ بني فلانٍ، فإذا أظْهَرَها ودَعا إليها وتآلَفَ


(١) قال أبو منصور في «الزاهر» (ص: ٥٥٦): «العرب تقول في الاستزادة من عمل أو حديث: «إيه»، وربما قلبوا الهمزة هاء فقالوا: «هيه»، فإذا وصلوا قالوا: «إيهٍ حدِّثْنا»، فإذا أَسْكَتَّه وكَفَفْتَه قلت: «إيهًا عنا»، فإذا أغريته بالشيء قلت: «وَيْهًا»، فإذا تعجبت من طيب شيء قلت: «واهًا له ما أطيبه».
(٢) كذا في ظ، وفي ز ب س: «وأحب ما يقرأ إلي حدرًا وتحزينًا».
(٣) هذه الفقرة اختلفت سياقاتها في النسخ، فهي كما أثبته في ظ، وفي ب: «قال المزني: سمعت الشافعي يقول: لو كان معنى: (يتغنى بالقرآن) على الاستغناء .. لكان: (يتغانى)، وتحسين الصوت هو: (يتغنى)، ولكنه يراد به تحسين الصوت»، وفي ز: «قال الشافعي في (ليس منا من لم يتغن بالقرآن): معناه: تحسين الصوت، لا معنى (يستغني به)؛ لأنها لو كانت في معنى (يستغني به) لكان (يتغانى)، و (يتغنّى) من الغناء»، وتصرف في الفقرة في س بالمسح والإلحاق ليصير: «قال الشافعي في (ليس منا من لم يَتغنَّ بالقرآن): معناه: تحسين الصوت، لا معنى (يستغني به)؛ لأنه لو كان في معنى (يستغني به) لقال: (ليس منا من لم يستغن بالقرآن)، فإنما قال: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن)، علمنا أنه التغني به».