ذلك منهما، ويحتمل أن يكونا مؤمنين أكلا بعد الفجر ولم يعلما، فقال رسول الله:«أفطر الحاجم والمحجوم» ليخبر أنهما يقضيا [كذا]، ويحتمل أن يكونا وقعا بالغِيبة في أخيهما، فقال عليه السلام:«أفطر الحاجم والمحتجم»؛ أي: أكلا لحم أخيهما فنقضا بذلك صومهما، قال الله عز وجل في كتابه:(أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا)[الحجرات: ١٢]، لا أن الحجامة من الحاجم والمحجوم إفطارًا، وذلك أن الله جل ثناؤه جعل الصيام كفًّا عن المأكل والمشرب والجماع، فقال تبارك وتعالى:(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ)[البقرة: ١٨٧]، وقال:(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)[البقرة: ١٨٧]، فهذا معنى الصوم، وليس فيما خرج من دبر ولا قبل ولا بدن من خلاء ومذي وودي واحتلام على غير عمد وعرق ودم وغير ذلك من البدن إفطار، ولولا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه:«من ذَرَعَه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فعليه القضاء» لكان سواء، فكان الاستقاء مخصوصًا، ألا ترى أنه إذا دخل حلقَه طعامًا أو شرابًا [كذا] مكرهًا، أو جومعت امرأة مكرهة أن ذلك إفطارا [كذا]؟ فلو كان ما خرج من الحلق مثلَه، لكان إذا ذرعه القيء مكرهًا إفطارًا، فلما لم يكن ذرع القيء إفطارًا كان عمده والإكراه فيه سواء، لولا أن النبي صلى الله عليه جعله في الاستقاء مفطرًا، فصار مخصوصًا، ولا قياس على مخصوص.
(٣١) ومنها: ما روي عن عبدالله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه: «بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار».