ويقال لهم: أرأيتم مجوسيًّا أتاكم من بلده، راغبًا في الإسلام، محِبًّا لمحمد -صلى الله عليه وسلم-، فقال: علموني الدخول في الإسلام، فعلمتموه إياه، فدخل فيه، ثم قال: إني راجع إلى بلدي، فما علينا من الطهارة لأكون منها على علم قبل دخول وقت الصلاة؟ وما الذي يوجب الغسل وينقض الطهور؟ وما الصلاة؟ وما الذي يفسدها؟ وما حكم الزيادة فيها والنقصان منها والسهو فيها؟ وما في عشرة دنانير ومائة درهم من الزكاة؟ وما الصوم؟ وما حكم الأكل فيه عامدًا أو ساهيًا؟ وما على من كان منا مريضًا أو كبيرًا أو ضعيفًا؟ وهل بأس بدرهم بدرهمين؟ وما فيه القصاص من الدماء والجراح وحكم الخطأ؟ وهل في ذلك الرجالُ والنساءُ سواءٌ؟ فإني راجع إلى بلدي، وأهلي وعشيرتي ينتظرون بإسلامهم رجوعي، فأكون ويكونون من ديننا على علم، فنعمل بذلك ونتقرب إلى الله، تؤجرون عليه، وذلك كله عندكم واضح لا تشكون فيه، أيجوز أن يُعْلِموه ذلك؟ أم تقولون: لا نخبرك حتى تنزل بك نازلة، فتَكسِرون بذلك نشاطه، وتُخْبِثون نفسه على حديث عهده بكفره، وتَدَعونه على جهله؟ أم تغتنمون رغبتَه في الإسلام، وإسلام مَنْ ينتظره، وتعليمَ الجُهّال ما يحسنونه من العلم، وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من سئل عن علم فكتمه، جيء به يوم القيامة ملجَمًا بلجام من النار)؟
فإن قالوا: نُعلِّمه ذلك قبل نزوله .. تركوا قوله؛ لأن بعض ذلك أصل وبعضَه قياس، وإن قالوا: نعلمه بعضًا وإن لم ينزل، ونترك بعضًا حتى ينزل .. قيل: فما الفرق بين ذلك، وكلُّ ذلك دين؟
فانظروا رحمكم الله على ما في أحاديثكم التي جمعتموها، واطلبوا العلم عند أهل الفقه، تكونوا فقهاء إن شاء الله.