للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عَنْ صفوانَ بنِ عسّالٍ أنه قال: «كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يأمُرُنا إذا كنا مسافرِين - أو: سَفْرًا - أن لا نَنْزِعَ خِفافَنا ثلاثةَ أيامٍ وليالِيَهنَّ إلا مِنْ جَنابَةٍ، لكنْ مِنْ بَوْلٍ وغائطٍ ونومٍ».

قال المزني: فلما جَعَلَهُنّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بأبي هو وأمي في مَعْنَى الحَدَثِ واحدًا .. استَوَى المحْدِثُ في جميعِهنَّ، مُضْطَجِعًا كان أو قاعدًا، ولو اخْتَلَفَ حَدَثُ النومِ لاخْتِلافِ حالِ النّائمِ .. لاختَلَفَ كذلك حَدَثُ الغائطِ والبولِ، ولأبانَه -عليه السلام- كما أبان أنّ الأكلَ في الصّوْمِ عامِدًا مفطرٌ، أو ناسيًا غيرُ مفطر، ورُوِيَ عَنْ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «العينان وِكاءُ السَّهِ، فإذا نامت العينان اسْتُطْلِقَ الوِكاءُ» (١)، مع ما رُوِي عن عائشة: «مَنْ استَجْمَع نومًا تَوضّأ، مُضْطَجِعًا أو قاعِدًا»، وعَن أبي هريرة: «مَنْ اسْتَجْمَعَ نَوْمًا فعليه الوضوءُ»، وعن الحسن: «إذا نام قاعدًا أو قائمًا تَوضّأ».

قال المزني: فهذا اختلافٌ يوجِبُ النّظَرَ، وقد جَعَلَه الشافعيُّ في النّظَرِ في مَعْنَى مَنْ أُغْمِيَ عليه، كيف كان توضّأ، فكذلك النائمُ في معناه، كيف كان تَوضّأ (٢).

(٤٤) قال المزني: واحْتَجَّ في الملامسةِ بقول الله جل وعز: {أو لامستم النساء} [النساء: ٤٣]، وبقول ابن عمر: «قُبْلَةُ الرجلِ امرأتَه، وجَسُّها


(١) «السَّه» بتخفيف الهاء: حلقة الدبر. وأصل «الوكاء»: الخيط الذي يُشَدّ به رأس القِرْبة. فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- اليقظه للعين بمنزلة الوكاء للقربة، فإذا نامت العينان استرخى ذلك الوكاء وكان منه الحَدَثُ والريح. «الزاهر» (ص: ١١٥).
(٢) هذا من تخريج المزني على أصول الشافعي، وقال إمام الحرمين: «وفي كلام الشافعي تمثيلٌ يشير إلى ذلك؛ فإنه قال: ولا يبين إليّ أن أُوجب الطهارة على النائم القاعد»، قلت: وقد حكى الترمذي في «الجامع» (٧٨) عن الشافعي من قوله: «من نام قاعدًا فرأى رؤيا، أو زالت مقعدته لوسن النوم .. فعليه الوضوء»، وهو على موافقة تخريج المزني، نص عليه القاضي الحسين في «التعليقة» (١/ ٣٣٤)، والله أعلم. وانظر في نقد تخريج المزني «الحاوي» (١/ ١٨١).