للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال المزني: ليس على المحدِث عندي مَعْرِفةُ أيّ الأحداثِ كان منه، وإنما عليه أنْ يَتَطَهَّرَ للحدثِ، ولو كان عليه معرفةُ أيّ الأحداثِ كان منه كما عليه معرفة أيّ الصلوات عليه .. لوجب أنْ لو تَوَضّأ مِنْ ريحٍ ثُمّ عَلِم أنّ حَدَثَه بَوْلٌ، أو اغْتَسَلَت امرأةٌ تَنْوِي مِنْ الحيضِ وإنّما كانت جنبًا، أو مِنْ حيضٍ وإنّما كانت نُفَساءَ .. لم يُجْزِئْ أحدًا منهم حتَّى يَعْلَمَ الحدثَ (١) الذي تَطَهَّر منه، ولا يقولُ بهذا أحدٌ نَعْلَمُه.

قال المزني: ولو كان الوضوءُ يَحتاجُ إلى النية لِما يُتَوَضّأ له .. لَما جاز لمن تَوَضّأ لقراءة مصحفٍ، أو لصلاةٍ على جنازةٍ، أو لتَطَوُّعٍ .. أن يُصَلّيَ به الفرضَ، فلما صلى به الفرضَ ولم يَتَوَضّأ للفرضِ .. أجزأه أن لا يَنْوِي لأيّ الفرضِ ولا لأيّ الأحداثِ [تَوَضّأ، ولا لأيّ الأحداثِ (٢) اغْتَسَل (٣).

(٦٩) قال الشافعي: وإذا وَجَدَ الجنبُ الماءَ بعد التَّيَمُّمِ .. اغْتَسَلَ، وإذا وَجَدَ الذي ليس بِجُنُبٍ .. تَوَضّأ.


(١) في ز: «ما الحدث».
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من ز.
(٣) قد أُخِذ على المزني هذا التعليل في أمور:
أولها: ظاهر قوله: «وإنما عليه أن يتطهر للحدث» - أن التيمم يرفع الحدث كالوضوء والغسل، وقد حكاه عنه بعض أصحابنا، والصحيح: أن التيمم لا يرفع الحدث.
ثانيها: تعليله الإجزاء مع الغلط في تعيين أيّ الأحداث عليه بارتفاع الحدث، والعلة السديدة: أن التيمم لا يرفع الحدث، سواء ذكر على الصواب أو على الخطأ، وإنما مقصود النيّة استباحة الصلاة.
ثالثها: تسويته في القياس بين التيمم والوضوء، وسقوط أثر الغلط في التيمم واضح؛ فإن التيمم لا يرفع الحدث أصلًا، وإنما أثره في استباحة الصلاة، والأحداثُ ذُكرت أو لم تُذكر باقية لا تزول، فيظهر التحاقُ التيمم في ذكر الحدث بما لا يُشترَط فيه النية أصلًا، والوضوء يرفع الحدثَ، ففرض الغلط في تعيينه قريب الشبه بالغلط في تعيين أسباب الكفارات.
انظر: «الحاوي» (١/ ٢٥١) و «التعليقة» للقاضي الحسين (١/ ٤١٣) و «النهاية» (١/ ٥٣ و ١٧٣).