للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(٧٠) قال: وإذا تَيَمَّمَ فَفَرَغَ مِنْ تَيَمُّمِه بَعْدَ طَلَبِ الماءِ، ثُمّ رَأى الماءَ .. فعليه أنْ يَعُودَ إلى الماءِ، فإن دَخَل في الصلاةِ ثُمَّ رأى الماءَ بَعْدَ دُخُولِه .. بَنَى على صَلاتِه، وأجزأَتْه الصلاةُ.

قال المزني: وجودُ الماءِ عندي (١) يَنْقُضُ طُهْرَ التيمُّمِ في الصلاة وغيرِها سواءً؛ كما أن ما نَقَضَ الطُّهْرَ في الصلاةِ وغيرِها سواءٌ، ولو كان الذي مَنَعَ نَقْضَ طُهْرِه الصلاةُ لَمَا ضَرَّهُ الحدثُ في الصلاةِ، وقد أجمعوا - والشافعيُّ مَعَهُم - أنَّ رجلين لو تَوَضّأ أحدُهما وتَيَمَّم الآخرُ في سَفَرٍ لعَدَمِ الماءِ .. أنّهما طاهران، وأنّهما قد أدَّيا فَرْضَ الطُّهْرِ، فإنْ أحْدَثَ المتوضئُ ووَجَدَ المتيمِّمُ الماءَ .. أنّهما في نَقْضِ الطُّهْرِ قبل الصلاة سواءٌ، فلِمَ لا كانا في نَقْضِ الطُّهْرِ بعد الدخولِ فيها سواءً؟ وما الفَرْقُ؟ [وقد قالَ في جماعةِ العلماءِ (٢): إنَّ عِدَّةَ مَنْ لم تَحِض الشُّهورُ، فإن اعْتَدَّتْ بها إلا يومًا ثُمّ حاضَتْ .. أنّ الشهورَ تَنْتَقِضُ، لوجودِ الحيْضِ (٣)، فكذلك التيمُّمُ يَنْتَقِضُ وإنْ كان في الصلاةِ لوجودِ الماءِ؛ كما يَنْتَقِضُ طُهْرُ المتوضِّئ وإنْ كان في الصلاةِ إذا كان الحدثُ، وهذا بقولِه أولى عندي (٤).


(١) كلمة «عندي» من ز س.
(٢) ما بين المعقوفتين من ب س وهامش ظ، وفي سواده: «وقد قال بعض العلماء»، وفي ز: «وقد قال في جماعة من العلماء».
(٣) زاد في ب: «في بَعْضِ الطُّهْرِ».
(٤) «عندي» سقط من ظ، ثم إن المنصوص ما ذكر أولًا: أنه لا يَبطُل تَيمُّمُه، وما ذكره المزني قول خرجه في معارضة النص، وافق به مذهب أبي حنيفة، والأصحابُ في ذلك طريقان: فالمذهب الذي عليه معظم الأصحاب: القطع بالمنصوص، وقال أبو العباس ابن سريج: «مذهب المزني أحب إلينا». وساعده على تخريجه بأن المستحاضة إذا انقطع دمُها في الصلاة تَبطُل صلاتها، فليكن المتيمم كذلك؛ لأن الضرورة قد ارتفعت في الصورتين، وقد رد القاضي الحسين في «التعليقة» (١/ ٤١٦) على أدلة المزني وابن سريج، وطَرَدَ المزنيُّ أصلَه هذا في الظِّهار (المسألة: ٢٤٩٩) والعدة (المسألة: ٢٦٤٦). انظر: «الحاوي» (١/ ٢٥٢) و «النهاية» (١/ ١٧٦) و «العزيز» (١/ ٦٨٣) و «الروضة» (١/ ١١٥).
وورد في هامش س ما نصه: «قال أبو بكر بن خزيمة: ليست هذه المسألة على ما قال المزني -رحمه الله-، وما شَبَّهَ المزنيُّ هذه المسألةَ به بعيدُ الشَّبَه، (يبينه) أن المعتدة بالشهور إذا اعتدت به [كذا] إلا يومًا إنما جاءت ببعض العدة، لا بجميعها، فلما حاضت قبل تعتد ثلاثة أشهر انتقص بعض العدة بالشهور، وقياس هذا: أن يتيمم المرء فيمسح بوجهه ثم يرى الماء، أو يمسح بوجهه أو إحدى يديه، أو بوجهه ويديه إلا قطعة من إحدى يديه ثم يرى الماء؛ لأن المتيمم في هذا الموضع يكون قد أتى ببعض التيمم؛ كما أتت المعتدة ببعض الشهور، فأما إذا أتى المتيمم بجميع التيمم ودخل في فرض الصلاةِ، والصلاةُ فرضٌ غير التيمم، فلو كانت العدة بالشهور من جنس التيمم وجاز تشبيه أحدهما بالآخر، لوجبت على المرأة إذا اعتدت بالشهور استكملت عدة ثلاثة أشهر ثم حاضت أن تستأنف عدة ثانية بالأقراء، [و] في اتفاق أهل الصلاة أنها إذا حاضت بعد ثلاثة أشهر بطَرْفةٍ أنها منقضية لا يجب عليها استئناف عدة بالأقراء، فلو جاز تشبيه التيمم بالعدة، لكان اتفاق أهل الصلاة بالعدة أنها منقضية بمرور ثلاثة أشهر، دلالةً على أن المتيمم إذا فرغ من التيمم ثم رأى الماء، أن له أداءَ فرضِ الصلاة بالتيمم بعد رؤية الماء، وفي اتفاقهم على التفرقة بين العدة وبين التيمم في هذا الموضع دلالة واضحة على أن تشبيه أحدهما بالآخر غير جائز». انتهى كلام ابن خزيمة، والواو بين المعقوفتين زيادتي، وما أدرجته بين القوسين قرأته على الحَدْس.