للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال المزني: واحْتَجَّ في القنوتِ في الصبحِ بما رُوِيَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قَنَت قبل قَتْلِ أهلِ بِيرِ مَعُونَةَ، ثُمّ قَنَتَ بعد قتْلِهم في الصلاة سِواها، ثُمّ تَرَك القنوتَ في سِواها، وقَنَت عمرُ وعليٌّ بعد الركعة الآخرة (١).

(١٩٨) قال الشافعي: والتشهدُ أن يقولَ: «التّحِيّاتُ المبارَكاتُ الصّلَواتُ الطّيِّباتُ لله، سَلامٌ عليكَ أيُّها النبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، سَلامٌ علينا وعلى عبادِ اللهِ الصالحينَ، أشْهَدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأشْهَد أنّ محمّدا رسولُ الله» (٢)، يقولُ هذا في الجلسة الأولى وفي آخِرِ صلاته، فإذا تَشَهَّد


(١) «القنوت»: أصله القيام، ومنه قول النبي -صلى الله عليه وسلم- حين سئل عن أفضل الصلاة، قال: «طول القنوت»، أراد به: طول القيام، ومعنى القنوت في الصبح: أن يدعو بعد رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة، قيل لذلك الدعاء: قنوت؛ لأن الداعي إنما يدعو به قائمًا، فسُمِّيَ قنوتًا باسم القيام، والقنوت أيضًا: الخشوع والطاعة. «الزاهر» (ص: ١٧٦) و «الحلية» (ص: ٨١).
ثم إذا نزل بالمسلمين نازلةٌ وأرادوا أن يقنتوا في الصلوات الخمس ساغ، وإن لم يكن وأرادوا القنوت من غير سبب .. ففيه قولان: قال الشافعي في «الأم»: لا يقنت، وقال في «الإملاء»: إن شاء قنت، وإن شاء لم يقنت، والأول المشهور. انظر: «النهاية» (٢/ ١٨٧) و «العزيز» (٢/ ٣٩٦) و «الروضة» (١/ ٢٥٤).
(٢) سُمِّي بـ «التشهد»؛ لقول القائل: «أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله»، وليس ذلك على الاستقبال، ولكن معناه: أنا شاهد.
وقوله: «التحيات لله»، «التحية»: المُلْك، و «التحية» كذلك: البقاء الدائم، و «التحية»: السلام؛ أي: السلامة من آفات الدنيا والآخرة؛ كأنه يقول: المُلْك والبقاء والسلامة لله، و «الصلوات»؛ أي: العبادات كلها، و «الطيبات»؛ أي: الطيبات من الكلام الذي هو ثناء على الله والحمد له.
وقوله: «السلام عليك أيها النبي»؛ أي: سلم الله عليك، ومن سلَّم الله تعالى عليه فقد سلِم من الآفات كلها، أو السلام اسم من أسماء الله عز وجل، سمي به لسلامته مما يلحق المخلوقين من الفناء وغير ذلك، ومعنى قول القائل: «السلام عليكم»؛ أي: الله القائم على مصلحة أموركم.
انظر: «الزاهر» (١٦٧ - ١٦٩) و «الحلية» (٨٠ و ٨١).