للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

منه، واحتج بقول الله تبارك وتعالى: {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك} [النساء: ١٠٢] الآية، واحْتَجّ بأنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فَعَل نحوَ ذلك يَوْمَ ذاتِ الرِّقاع.

(٣٧٣) قال الشافعي: و «الطائفةُ»: ثلاثةٌ فأكثرُ (١)، وأكْرَهُ أن يُصَلِّي بأقلَّ مِنْ طائفةٍ، وأن يحْرُسَه أقلُّ مِنْ طائفةٍ.

(٣٧٤) وإن كانتْ صلاةَ المغربِ .. فإن صَلّى ركعتين بالطائفة الأولى، وثَبَت قائمًا، وأتمُّوا لأنفُسِهم .. فحسنٌ، وإن ثَبَت جالسًا، وأتمُّوا لأنفُسِهم .. فجائزٌ، ثُمّ تأتي الطائفةُ الأخْرَى فيُصَلِّي بها ما بَقِيَ (٢) عليه، ثُمّ


(١) اعترض ابن داود على الشافعي فقال: «اسم الطائفة يقع على الواحد»، وأجاب البيهقي في «الرد على الانتقاد» (ص: ١٠٣) فقال: «هذا الذي ظنه من وقوع اسم الطائفة على الواحد متنازع فيه. قال أبو عبدالله محمد بن إبراهيم البوشنجي - وهو أحد أئمة المسلمين أدبا وعلما -: (الطائفة: أقلهم ثلاثة عندنا، وقال بعضهم: واحد، وليس بشيء). وقال الحمادي: (المعروف المجمع عليه أنه اسم الجماعة، وأن الجماعة اسم لما بعد التثنية، ثلاثة فصاعدا). وقال بعضهم: (الطائفة: عبارة عن البعض، ثم في كل موضع ذكرت فيه حملت على ما دلت عليه الدلالة من العدد؛ فالقصد من صلاة الخوف وتفريق الناس حصول الجماعة مع الحراسة، وأقل كمال الجماعة ثلاثة؛ فاستحب الشافعي أن يكون الذين يصلون معه ثلاثة فصاعدا، والذين يحرسون ثلاثة فصاعدا؛ ليكون أبلغ في حصول المراد من فضيلة الجماعة والمقصود من الحراسة، وقال في قوله تعالى: {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} [النور: ٢]: (أقلهم أربعة)، قال: (لأنه لا يجوز في شهادة الزنا أقل منهم)، وقال في قوله تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله} [الحجرات: ٩]: (والطائفتان الممتنعتان: الجماعتان كل واحدة تمتنع)، قلت: وإنما قال ذلك؛ لأنها إذا كانت غير ممتنعة لم يتعلق بها حكم قتال أهل البغي، وقال في قوله عز وجل: {وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة} [التوبة: ١٢٢]: (فأخبرنا أن النفير على بعضهم دون بعض؛ فإن التفقه إنما هو على بعضهم دون بعض)، فحمل الطائفة ههنا على البعض من غير توقيت؛ لأن القصد منه وقوع الكفاية بمن قام به، فسواء كانوا جماعة أو واحدا».
(٢) في ب: «بقيت».