للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن لم يتصرف على قياس المذهب، واستحدث من تلقاء نفسه أصلًا .. فيعدُّ ذلك مذهبَه، ولا يلحق بمتن المذهب» (١).

وثانيها - النظر في صفة تعبيره عن اجتهاده، فإذا عبَّر عنه بما يدل على تخريجه على أصل الشافعي فهو من المذهب، وإذا عبَّر بما يدل على اختياره الخاصِّ فليس من المذهب، وقد نصَّ الشافعي في خُلع وكيل المرأة بأكثر مما سمَّت مع إضافته إليها أن البينونة حاصلة، ومذهب المُزَني أن الطلاق لا يقع، فقال إمام الحرمين: «لم أر أحدًا من الأصحاب يرى مذهبه قولًا مخرَّجًا في المذهب على اتجاهه»، قال: «وإنما لم يُلحق الأصحابُ مذهبَه في هذه المسألة بالمذهب؛ لأن من صيغة تخريجه أن يقول: (قياس مذهب الشافعي كذا وكذا)، وإذا انفرد بمذهبٍ استعمل لفظةً تُشعِر بانحيازه، وقد قال في هذه المسألة لمَّا حكى جواب الشافعي: (ليس هذا عندي بشيء)، واندفع في توجيه ما رآه» (٢)، وقال: «للمُزَني عبارات في اختياراته، تارةً يفرط ويسرف ويقول بعد النقل: (هذا ليس بشيء)، وما كان كذلك فهو من مفرداته، وكلامُه مشعِر بمجانبته مذهبَ الشافعي فيما نقله وأخْذِه في مأخذٍ آخر، فلا يُعَدُّ مذهبُه تخريجًا، وتارةً يقول: (قياس الشافعي خلافُ ما نقلته)، فإذا قال ذلك، فالأوجَه عدُّ ما يذكره قولًا مخرَّجًا للشافعي، وإذا لم يتصرَّف على قياسه وقال: (الأشبه عندي) كان لفظه متردِّدًا بين التصرُّف على قياس الشافعي مَصيرًا إلى أن المعنيَّ بقوله (هذا أشبهُ): هذا أشبهُ بمذهب الشافعي، ويجوز أن يُقال: (هذا أشبه) معناه:


(١) انظر «نهاية المطلب» (١٤/ ٣٧).
(٢) انظر «نهاية المطلب» (١٣/ ٤٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>