للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أشبهُ بالحق ومسلك الظن، ولم أَرَ أحدًا من أصحابنا يَعُدُّ اختيار المُزَني في هذه المسألة قولًا معدودًا من المذهب مخرجًا» (١).

وثالثها - النظر في تفرُّده وموافقة أصحاب الوجوه له على قوله، فإذا وافقه بعضهم كان ذلك دليلًا على أنه من المذهب، وإن اتفقوا على خلافه دَلَّ ذلك على أنه من اجتهاده الخارج عن المذهب، قال إمام الحرمين: «إذا انفرد المُزَني برأي .. فهو صاحب مذهب، فإذا خرَّج للشافعي قولًا .. فتخريجه أولى من تخريج غيره، وهو يلتحق بالمذهب لا محالة» (٢)، وقال النووي: «هذا الذي قاله الإمام حَسَنٌ لا شك أنه متعيِّن» (٣).

قلت: ينبغي أن يقيَّد هذا بما إذا لم يصرّح المُزَني بتخريجه على قواعد الشافعي وأصوله، وإلا فهو معدود من المذهب لا محالة، وإنما ينظر إلى التفرُّد حيث لم يصرّح بعزوه إلى المذهب، قال الرافعي: «تفرُّدات المُزَني لا تُعَدُّ من المذهب إذا لم يخرِّجها على أصل الشافعي» (٤).

ورابعها - النظر في الكتاب الذي ذكر فيه اجتهاده، فإن كان من الكتب التي ألَّفها لبيان مذهبه وفتاواه مثل «المسائل المعتبرة» لم يعتدَّ بها من المذهب، وإن كان الكتاب لبيان مذهب الشافعي في الجملة كـ «المختصر» فهو من المذهب، قال ابن السُّبْكي: «ينبغي أن يكون الفيصل في المُزَني أن تخريجاته معدودة من المذهب؛ لأنها على قاعدة الإمام الأعظم، وأمَّا اختياراته الخارجة عن المذهب .. فلا وجه لعدِّها ألبتة، وأمَّا إذا أطلق ..


(١) انظر «النهاية» (١٤/ ٣٧١).
(٢) انظر «نهاية المطلب» (١/ ١٢٢).
(٣) انظر «المجموع» (١/ ١١٥).
(٤) انظر «العزيز» (١/ ٢٣٧ و ١٤/ ٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>