للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فذلك موضع النظر والاحتمال، وأرى أن ما كان من تلك المطلَقات في مختصَره تلتحق بالمذهب؛ لأنه على أصول المذهب بناه، وأشار إلى ذلك بقوله في خطبته: (هذا مختصَر اختصرته من علم الشافعي ومن معنى قوله)، وأمَّا ما ليس في (المختصَر)، بل هو في تصانيفه المستقلة .. فموضع التوقُّف» (١).

فهذه جملة ما ذكره الأئمة من الاعتبارات التي يرجع إليها في التمييز بين اجتهادات المُزَني الخاصة وتخريجاته على قاعدة المذهب، وبناءً عليها ينبغي النظر في واقع اجتهاداته واستخلاص أنواعه لنحكم من خلالها على شخصه إن كان مجتهدًا مقيدًا أو منتسبًا أو مستقلًّا، وفي بعض كلام إمام الحرمين ما قد يُفهَم منه أن المُزَني لا يخرج عن قاعدة المذهب مطلقًا، قال إمام الحرمين: «الذي أراه أن يُلحَق مذهبُه في جميع المسائل بالمذهب؛ فإنه ما انحاز عن الشافعي في أصلٍ يتعلق الكلام فيه بقاطعٍ، وإذا لم يفارق الشافعيَّ في أصوله فتخريجاته خارجةٌ على قاعدة إمامه، فإن كان لتخريج مخرِّج التحاقٌ بالمذهب فأولاها تخريج المُزَني؛ لعلوِّ منصبه في الفقه، وتَلَقِّيه أصول الشافعي من فَلْق فيه» (٢).

وقال الشهرستاني لمَّا ذكر الشافعية من مذاهب المسلمين في الفروع أورد المُزَني وسائر تلاميذ الشافعي وقال بأنهم: «لا يزيدون على اجتهاده اجتهادًا، بل يتصرَّفون فيما نقل عنه توجيهًا واستنباطًا، ويصدرون عن رأيه جملة، فلا يخالفونه ألبتة» (٣).


(١) انظر «الطبقات» (٢/ ١٠٣).
(٢) انظر «نهاية المطلب» (١٣/ ٤٨٠).
(٣) انظر «الملل والنحل» (٢/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>