للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٨٠٣) وقال في باب ما جَمَعْتُ له من كتاب الصيام والسنن والآثار: «لا يُباشِرُ المعتكفُ، فإنْ فَعَلَ .. أفْسَدَ اعتكافَه»، وقال في موضع من مسائل في الاعتكاف: «لا يُفْسِدُ الاعتكافَ مِنْ الوطءِ إلّا ما يُوجِبُ الحدَّ»، قال المزني: هذا أشْبَهُ بقولِه؛ لأنّه مَنْهِيٌّ عن الجماعِ في الاعتكافِ والصومِ والحجِّ، فلمّا لم يَفْسُدْ عنده صومٌ ولا حجٌّ بمباشرةٍ دون ما يُوجِبُ الحدَّ أو الإنزالَ في الصوم .. كانت المباشرةُ في الاعتكافِ كذلك عندي في (١) القياسِ (٢).

(٨٠٤) قال الشافعي: وإنْ جَعَلَ على نَفْسِه اعتكافَ شهرٍ، ولم يَقُلْ: مُتَتابِعًا .. أحْبَبْتُه مُتَتابعًا.


(١) «في» من ز ب س، وسقط من ظ.
(٢) المزني حمل القولين على الاختلاف في صورة المباشرة دون إنزال، ورجح القول الثاني بعدم البطلان، فأما إذا لم ينزل فلا يبطل الاعتكاف بلا خلاف، والأصح عند الأصحاب الجمع بين القولين بحمل الأول على ما إذا أنزل فيبطل الاعتكاف بلا خلاف، ومنهم من طرد القولين في الحالين. انظر: «العزيز» (٤/ ٥٣٠) و «الروضة» (٢/ ٣٩٢).
وجاء في هامش س: «قال أبو بكر بن خزيمة -رضي الله عنه-: القول الأول عندي أشبه بالصواب، قال الله جل وعلا: (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها)، فزجر الله عن المباشرة في الاعتكاف، فكل ما وقع عليه اسم "مباشرة" فمزجور عنه على ظاهر الكتاب، فأما مباشرة الصائم (فإن) النبي -صلى الله عليه وسلم- المبين عن الله عز وجل وحيه بيَّنَ بفعله على أن المباشرة للصائم بالبدن دون الوطء بالفرج مباح، قالت عائشة: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبلني ويباشرني وهو صائم»، فدل -صلى الله عليه وسلم- بفعله أن المباشرة التي دل الكتاب على أنها محظورة في نهار الصوم: الجماع، لا المباشرة بالبدن، قال الله جل وعلا: (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم - إلى قوله: - فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم) الآية [البقرة: ١٨٧]، فبيَّن المصطفى أن بعض المباشرة في الصوم طلق حلال، وإن كان جميع ما وقع عليه اسم المباشرة في ليل الصوم ومباحًا [كذا]، ولو كان المباشرة في الاعتكاف طلقًا مباحًا، وأن يفسد الاعتكاف؛ لأن المباشرة في الصوم طلق حلال بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا أعلم أحد [كذا] من العلماء إلا وهو يكره المباشرة في الاعتكاف، وإن كانوا قد اختلفوا في إفساد الاعتكاف».