للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العبّاسِ دُون غيرِها، ولا رُخْصَةَ فيها إلّا لمَنْ وَلِيَ القِيامَ عليها منهم، وسَواءٌ مَنْ اسْتُعْمِلوا عليها منهم أو مِنْ غيرِهم؛ لأنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أرْخَصَ لأهلِ السِّقايةِ مِنْ أهلِ بَيْتِه أن يَبِيتُوا بمكةَ ليالي مِنًى.

(٩٢٧) ويَفْعَلُ الصّبيُّ (١) في كُلِّ أمْرِه ما يَفْعَلُ الكبيرُ، وما عَجَزَ عنه الصَّبِيُّ مِنْ الطّوافِ والسّعْيِ حُمِلَ وفُعِلَ ذلك به، ويَجْعَلُ الحَصَى في يَدِه ليَرْمِيَ، فإنْ عَجَزَ رُمِيَ عنه.

(٩٢٨) وليس على الحاجِّ بعد فَراغِه مِنْ الرَّمْيِ أيّامَ مِنًى إلّا وَداعُ البيتِ (٢)، فيُوَدِّعُ البيتَ، ثُمّ يَنْصَرِفُ إلى بَلَدِه، والوَداعُ: الطَّوافُ بالبيتِ، ويَرْكَعُ رَكْعَتَيْن بعدَه، فإن لم يَطُفْ وانْصَرَفَ .. فعليه دَمٌ لمساكينِ الحَرَمِ (٣).

(٩٢٩) وليس على الحائضِ وَداعٌ؛ لأنّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- رَخَّصَ لها أنْ تَنْفِرَ بلا وَداعٍ.

(٩٣٠) وإذا أصابَ المحْرِمُ امْرَأتَه المحْرِمَةَ فغَيَّبَ الحَشَفَةَ ما بين أن يُحْرِمَ إلى أن يَرْمِيَ الجَمْرَةَ .. فقد أفْسَدَ حَجَّه، وسواءٌ وَطِئَ مَرَّةً أو مَرَّتَيْن؛ لأنّه فَسادٌ واحدٌ (٤)، وعليه الهَدْيُ


(١) كذا في ب، وفي ظ ز س: «بالصبي».
(٢) سمي «وداعًا»؛ لأنه اسمٌ وُضِع موضع المصدر، من «ودَّعتُ ودَاعًا وتوديعًا»، وأصل التوديع: ترك الشيء، قال الله عز وجل: (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) [الضحى: ٣]؛ أي: ما تركك ولا أبغضك، والعرب قلما تقول: «ودَعْتُه» بالتخفيف؛ أي: تركته، ولكنهم يقولون: «دعه ولا تدعه»، ثم يقولون: تركته بدل «ودعته»، فالحاج يودع البيت ومشاعره بعد فراغه من مناسكه؛ أي: يتركها وينصرف إلى أهله، وسميت حجة الوداع؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حج تلك الحجة ولم يعد إلى مكة بعدها. «الزاهر» (ص: ٢٧٨).
(٣) هذا الأظهر أن طواف الوداع من واجبات الحج، واجب جبرانه بالدم، والثاني: لا يجب، ولا جبران على تاركه، ولكنه سنة مؤكدة. انظر: «النهاية» (٤/ ٢٩٦) و «الروضة» (٣/ ١١٦).
(٤) إذا فسد حجه بالجماع ثم جامع ثانيًا، فينظر .. إن لم يَفْدِ عن الأول .. ففي وجوب شيء للثاني قولان: أحدهما - لا يجب، بل يتداخلان؛ كما لو جامع في الصوم مرتين لا تجب إلا كفارة واحدة، وأظهرهما - أنه لا تداخل لبقاء الإحرام ووجوب الفدية بارتكاب سائر المحظورات، وإن فدى عن الأول .. فلا تداخل على المشهور، ومنهم من طرد القولين، وبعضهم خصص القولين في الحالين بما إذا طال الزمان بين الجماعين واختلف المجلس، وقطع بالتداخل فيما إذا لم يكن كذلك.
وحيث قلنا: بعدم التداخل ففيما يجب بالجماع الثاني قولان: أحدهما - بدنة كما في الجماع الأول، وأظهرهما - شاة؛ لأنه محظور لا يتعلق به فساد النسك، فأشبه سائر المحظورات.
انظر: «العزيز» (٥/ ٢٠١) و «الروضة» (٣/ ١٣٩).