(٢) سمي «وداعًا»؛ لأنه اسمٌ وُضِع موضع المصدر، من «ودَّعتُ ودَاعًا وتوديعًا»، وأصل التوديع: ترك الشيء، قال الله عز وجل: (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) [الضحى: ٣]؛ أي: ما تركك ولا أبغضك، والعرب قلما تقول: «ودَعْتُه» بالتخفيف؛ أي: تركته، ولكنهم يقولون: «دعه ولا تدعه»، ثم يقولون: تركته بدل «ودعته»، فالحاج يودع البيت ومشاعره بعد فراغه من مناسكه؛ أي: يتركها وينصرف إلى أهله، وسميت حجة الوداع؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حج تلك الحجة ولم يعد إلى مكة بعدها. «الزاهر» (ص: ٢٧٨). (٣) هذا الأظهر أن طواف الوداع من واجبات الحج، واجب جبرانه بالدم، والثاني: لا يجب، ولا جبران على تاركه، ولكنه سنة مؤكدة. انظر: «النهاية» (٤/ ٢٩٦) و «الروضة» (٣/ ١١٦). (٤) إذا فسد حجه بالجماع ثم جامع ثانيًا، فينظر .. إن لم يَفْدِ عن الأول .. ففي وجوب شيء للثاني قولان: أحدهما - لا يجب، بل يتداخلان؛ كما لو جامع في الصوم مرتين لا تجب إلا كفارة واحدة، وأظهرهما - أنه لا تداخل لبقاء الإحرام ووجوب الفدية بارتكاب سائر المحظورات، وإن فدى عن الأول .. فلا تداخل على المشهور، ومنهم من طرد القولين، وبعضهم خصص القولين في الحالين بما إذا طال الزمان بين الجماعين واختلف المجلس، وقطع بالتداخل فيما إذا لم يكن كذلك. وحيث قلنا: بعدم التداخل ففيما يجب بالجماع الثاني قولان: أحدهما - بدنة كما في الجماع الأول، وأظهرهما - شاة؛ لأنه محظور لا يتعلق به فساد النسك، فأشبه سائر المحظورات. انظر: «العزيز» (٥/ ٢٠١) و «الروضة» (٣/ ١٣٩).