للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إن في القرآن عربيًّا وأعجميًّا، ثم قال: «ووجد قائل هذا القول مَنْ قَبِل ذلك منه تقليدًا له، وتركًا للمسألة عن حجته ومسألة غيره ممن خالفه»، قال الشافعي: «والقرآن يدل على أن ليس من كتاب الله شيء إلا بلسان العرب»، فقول الشافعي: «وتركًا للمسألة عن حجته ومسألة غيره ممن خالفه»، تفسير وبيان لمراده بقوله: «تقليدًا له»، ومن هنا من سأل عن حجة القول قبل قبوله، أو عرف الأقوال وأدلتها ثم اختار من بينها ما رآه الأوفق للدليل .. ليس من التقليد المذموم في شيء، ويخرج من تحته فئتان من الناس (١):

أولاهما: أهل العلم المجتهدون، الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وهؤلاء المقصودون بقول المُزَني: «لينظر فيه لدينه»، ومعنى «النظر»: أن «يأخذ المسائل بالحجة، حتى لا تزلَّ قدمه عن ذلك، فإنه لو أخذ من غير الدليل فربما تزلُّ قدمه عن قريب».

وثانيتهما: أهل العلم المنتسبون إلى المذهب، الذين يعرفون القول ودليله فيأخذونه على بصيرة من أمرهم، وهؤلاء المقصودون بقول المُزَني: «ويحتاط لنفسه»، ومعنى الحيطة للنفس: «أنه يأخذ منه المذهب بالحجة والبيان والمعنى، دون الأخذ بالتقليد ومن غير الدليل، فإنه يوبق نفسه بالنار»، وقد صرَّح القاضي حسين بهذه المرتبة فقال: «نحن ما قلَّدناه، وإنما أخذنا ذلك بالدليل» (٢).


(١) استنبطتهما من تأمل كلام المُزَني أولًا، ثم النظر في شرحه في «الحاوي» للماوردي (١/ ٣٣)، و «التعليقة» للقاضي حسين (١/ ١٢٥).
(٢) انظر «التعليقة» (١/ ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>