للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قِبَلِ الجنايةِ، والآخَرُ مِنْ قِبَلِ الرهنِ، فإذا فُكَّ مِنْ الرهنِ (١) وهو له .. فالجنايةُ في رَقَبَتِه بإقرارِ سَيِّدِه، إنْ كانتْ خَطأً أو عَمْدًا لا قصاصَ فيها، وإن كانتْ عَمْدًا فيها قصاصٌ .. لم يُقْبَلْ قوْلُه على العبدِ إذا لم يُقِرَّ بها، والقول الثاني - أنّه إنْ كان مُوسِرًا .. أخِذَ مِنْ السيدِ الأقَلُّ مِنْ قيمةِ العبدِ أو الجنايةِ فدُفِعَ إلى المجْنِي عليه؛ لأنّه يُقِرُّ بأنَّ في عُنُقِ عَبْدِه حَقًّا أتْلَفَه على المجْنِي عليه برَهْنِه إيّاه، فكان كمَن أعْتَقَ عَبْدَه وقد جَنَى وهو مُوسِرٌ (٢) أو قَتَلَه، فيَضْمَنُ الأقَلَّ مِنْ قِيمتِه أو أرْشِ الجنايةِ (٣)، وهو رهنٌ بحالِه، وإنّما أتْلَفَ على المجْنِي عليه لا على المرتهنِ، وإنْ كان مُعْسِرًا .. فهو رهنٌ بحالِه، فمتى خَرَجَ مِنْ الرهنِ وهو في مِلْكِه .. فالجنايةُ في عُنُقِه، وإنْ خَرَجَ مِنْ الرهنِ ببيعٍ .. ففي ذِمَّةِ سَيِّدِه الأقَلُّ مِنْ قِيمتِه، أو أرْشُ جِنايتِه.

قال المزني: قلت أنا (٤): وهذا أصحُّها وأشْبَهُها بقولِه (٥)؛ لأنّه والعلماءَ مُجْمِعَةٌ أنّ مَنْ أقَرَّ بما يَضُرُّه .. لَزِمَه، ومَنْ أقَرَّ بما يَبْطُلُ به حَقُّ غيرِه .. لم يَجُزْ على غيرِه، ومَن أتْلَفَ شيئًا لغيرِه فيه حَقٌّ .. فهو ضامنٌ بعُدْوانِه، وقد قال الشافعي: «إن لم يَحْلِف المرتهنُ على عِلْمِه كان المجْنِي عليه أوْلَى به منه»، وقد قال الشافعي بهذا المعنى: «لو أقَرَّ أنّه أعْتَقَه .. لم يَضُرَّ المرْتَهِنَ، فإنْ كان مُوسِرًا أخَذْتُ منه قيمتَه فجَعَلْتُها (٦) رَهْنًا مَكانَه، وإنْ


(١) «فك الرهن وافتكاكه»: أداء الراهن ما لزمه من الحق، وإخراجه الرهن من يد المرتهن، وأصل الفك: الإطلاق والفتح، وكل شيء أطلقته فقد فككته، ومنه: فك الرقبة، وهو إطلاقها من الرِّق، وفك الخلخال والسوار: تفريج طرفيهما حتى تنفرجا. «الزاهر» (ص: ٣٢٢).
(٢) زاد في ب: «أو أتلفه».
(٣) كذا في ب، وفي ظ ز س: «أو الجناية».
(٤) «قلت أنا» من ظ ب.
(٥) وهو الأظهر عند الأصحاب. انظر: «النهاية» (٦/ ١٣٨) و «العزيز» (٧/ ١٣١) و «الروضة» (٤/ ١١٩).
(٦) كذا في ظ، وفي ز ب س: «فجعلت».