للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إخراجٍ له مِنْ مِلْكِه كما إذا أوْصَى برَقَبَتِه (١)، وإذا رَهَنَه فقد أوْجَبَ للمرتهنِ حَقًّا فيه هو أوْلَى برَقَبَتِه منه، وليس لسَيِّدِه بَيْعُه للحَقِّ الذي عَقَدَه به، فكيف يَبْطُلُ التدبيرُ بقوله: (إنْ أدَّى كذا فهو حُرٌّ)؟ أو وَهَبَه ولو لم يَقْبِضْه (٢) الموهوبُ له حتّى رَجَعَ في هِبَتِه ومِلْكُه فيه بحالِه ولا حَقَّ فيه لغيرِه، ولا يَبْطُلُ تَدْبِيرُه بأن يُخْرِجَه مِنْ يَدِه إلى مَنْ هو أحَقُّ برَقَبَتِه منه وبَيْعِه وقَبْضِ ثَمَنِه في دَيْنِه ومَنْعِ سَيِّدِه مِنْ بَيْعِه؟ فهذا أقْيَسُ لقولِه، وقد شَرَحْتُ ذلك في «كتاب المدبَّر» (٣)، فتَفَهَّمْه (٤).

(١٢٥٣) قال الشافعي: ولو رَهَنَه عَصِيرًا حُلْوًا .. كان جائزًا، فإنْ حال إلى أن يَصِيرَ خَلًّا أو مُزًّا (٥) أو شَيْئًا لا يُسْكِرُ كَثيرُه .. فالرهنُ بحالِه، فإنْ حال العصيرُ إلى أن يُسْكِرَ .. فالرهنُ مفسوخٌ؛ لأنّه صار حرامًا لا يَحِلُّ


(١) كذا في ظ، وفي ز ب س: «كما لو أوصى برقبته».
(٢) كذا في ظ، وفي ب: «ولم يقبضه»، وفي ز س: «أو بهبةٍ ولم يقبضه».
(٣) انظر: المسألة في (الفقرة: ٣٩١٣).
(٤) كذا في ظ ب س، وفي ز: «فتفهموه إن شاء الله تعالى»، وللأصحاب في رهن المدبر طرق: أحدها - أنه على قولين مبنيين على أن التدبير وصية أو تعليق عتق بصفة، إن قلنا بالأول صح الرهن، وإن قلنا بالثاني لم يصح على الأصح، وهذه طريقة ابن سريج، والثاني - القطع بالمنع؛ لأن السيد قد يموت فجأة فيبطل مقصود الرهن، ولا يقف على موته ليبيعه قبله، وهذا الطريق المذهب الأقرب إلى النص؛ لأنه قال: «ولو دبره ثم رهنه كان الرهن مفسوخًا»، قال إمام الحرمين: «المراد بالمفسوخ: الباطل، وهذا يعتاده الشافعي كثيرًا»، والثالث: القطع بجواز رهنه كبيعه، وهذا أبعد الثلاثة. وانظر: «النهاية» (٦/ ١٥٠) و «العزيز» (٦/ ٥١٩) و «الروضة» (٤/ ٤٦).
(٥) كذا في ظ، وفي ز ب س: «مُرْيًا»، وقال إمام الحرمين في «النهاية» (٦/ ١٥١): «تقرأ (مُزًّا)، وهو بين شدة الخمر وحموضة الخل، وليس بمسكر على حالٍ، وتقرأ (مُرْيًا)»، قال: «وهذا بعيد؛ فإن الخمر لا يصير مُرْيًا»، قال عبدالله: «المُرْيُ» بضم الميم وسكون الراء وتخفيف الياء، هكذا ضبطه النووي في «التهذيب» تبعًا للجواليقي في كتابه في «لحن العوام»، وقال الجوهري في «صحاحه»: هو المُرِّيُّ بكسر الراء وتشديدها وتشديد الياء، قال: كأنه منسوب إلى المرارة، قال: والعامة تخففه، وهو أدم معروف يشبه الذي تسميه الناس الكامَخ.