للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

في حياتِه ما لم يَجْعَلْ للمُحَبِّسِ، وهذا عندي غيرُ جائزٍ (١).

(١٣٢٦) قال الشافعي: فإنْ تَغَيَّرَت السلعةُ بنَقْصٍ في بَدَنِها (٢) بعَوَرٍ أو غيرِه، أو زادتْ .. فسَواءٌ، إنْ شاء أخَذَها بجميعِ ثَمَنِها (٣)، وإنْ شاء تَرَكَها؛ كما تَنْقُصُ الشُّفْعَةُ بهَدْمٍ مِنْ السماءِ، إنْ شاء أخَذَها بجميعِ الثمنِ، وإنْ شاء تَرَكَها (٤).


(١) يعني: جواب الشافعي في الوقف، لا جوابه في المفلس، وقد رد الأصحاب اعتراض المزني على الإمام في مسألة الوقف. انظر: «الحاوي» (٦/ ٢٧٤) و «البحر» (٥/ ٣٣٣).
(٢) زاد في ب مشطوبًا عليه: «قال أبو عبدالله محمد [يعني: ابن عاصم راوي النسخة]، قال الربيع، عن الشافعي: بهزال أو ضعف، ليس ذهاب الشيء من أعضائها، فأما إذا كان ذاهب اليد بجناية أحد أو من السماء .. أخذ العبد، وحاصّ بما نقصه من أصل الثمن».
(٣) قوله: «بجميع ثمنها» سقط من ز، وكذا س إلا أنه استدرك بهامشه.
(٤) هذه مسألة تغير المبيع بالنقصان، وله حالتان: أن يكون نقصانًا متصلًا لا يفرد بالبيع، كالمسألة التي ذكرها المزني في التفليس، وأن يكون نقصانًا يمكن إفراده بالبيع، كالمسألة في شِقْص الشفعة (الفقرة: ١٥٦٩)، وقد جمع المزني بينهما في الحكم، ويرد على كلامه مباحثتان:
البحث الأول: من جهة عدم تفصيله في مسألة التفليس، وذلك أن النقصان المتصل الذي لا يمكن إفراده بالبيع نوعان: أولهما - النقصان الحاصل بآفة سماوية، فللبائع الخيار كما ذكر المزني، إن شاء رجع إليه ناقصًا وقنع به، وإن شاء ضارَبَ مع الغرماء بالثمن، ومن أصحابنا من أثبت فيه قولًا آخر: أنه يأخذ المعيب ويضارب مع الغرماء بما نقص، وهذا ما نقله ابن عاصم من رواية الربيع، والجمهور لا يثبتون هذا القول الثاني، والنوع الثاني - النقصان الحاصل بجناية جانٍ، فالجاني إما أن يكون أجنبيًّا، فيجب عليه أَرْش جنايته، وللبائع الخيار أن يأخذه معيبًا ويضارب الغرماء بمثل قيمة ما انتقص من الثمن، وهكذا إذا كان البائع الجاني، وأما إذا كان الجاني المشتري فكالآفة السماوية على المذهب.
والبحث الثاني: من جهة نقل المزني أن الشافعي شبه مسألة التفليس بالشقص المشفوع إذا نقص بهدم من السماء، إن شاء أخذه بجميع الثمن، وإن شاء تركه، ومعلوم أن الشقص المشفوع مما يمكن إفراده بالبيع، وروى الربيع والبويطي والزعفراني في القديم: أن الشفيع يأخذ ذلك ناقصًا بحسابه من الثمن، فاختلف أصحابنا في الشفعة والفلس على أربعة طرق: الطريقة الأولى - أن في الفلس يأخذه البائع ناقصًا بجميع الثمن كما نقله المزني، وفي الشفعة يأخذه الشفيع ناقصا بحسابه من الثمن وقسطه كما نقله الربيع والبويطي، والفرق: أن الشفيع في الشفعة يحل محل المشتري، فلما كان المشتري قد لزمه الثمن في مقابلة جميع المبيع لم يجز أن يلتزم الشفيع الثمن كله في مقابلة بعض المبيع، والبائع في الفلس لا يحل محل المشتري، وإنما يقطع العقد المتقدم لما لحقه من الضرر المستحدث، فلذلك زال بقطع العقد جميع الثمن، وهذه طريقة أبي العباس بن سريج، ونسب المزني إلى الخطأ في نقله في الشفعة، والطريقة الثانية - تخريج مسألة المفلس والشفعة على قولين لاختلاف الروايتين، والمزني ثقة في نقله، أحد القولين: إن للبائع والشفيع أن يأخذاه ناقصًا بكل الثمن؛ لأن النقص تابع فأشبه العَوَرَ وذَهاب اليد، والقول الثاني: إن للبائع والشفيع أن يأخذاه ناقصًا بحسابه من الثمن؛ لأن النقص لمّا صح إفراده بالعقد جرى مجرى العبدين والثوبين إذا تَلِف أحدهما، وهذه طريقة أبي الطيب بن سلمة وأبي حفص بن الوكيل، والطريقة الثالثة - تقرير النصوص، ففي الفلس يرجع البائع به ناقصًا بجميع الثمن إن شاء على ظاهر نصه في رواية المزني، وفي الشفعة إذا أخذها الشفيع ناقصًا على قولين على حسب اختلاف الروايتين، وهذه طريقة طائفة من البصريين، والطريقة الرابعة - حمل اختلاف الروايتين على اختلاف الحالين، فالذي نقله المزني إذا نقصت بآفة سماوية أو بجناية من المشتري، والذي نقله غيره إذا كان النقص من جهة الآدمي الأجنبي، فالأرش يحصل للمشتري، والشفيع يأخذ من الثمن، ومنهم من قال: الذي نقله المزني إذا كانت الأعيان قائمة ولكن ذهب تأليفها، والذي نقله غيره إذا كانت الأعيان تالفة، وهذه طريقة أبي إسحاق المروزي.
وانظر: «الحاوي» (٦/ ٥٧٨) و «البحر» (٥/ ٣٣٧) و «العزيز» (٧/ ٢٢٤) و «الروضة» (٤/ ١٥٦).