للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والغرماءُ بأن يَدْفَعُوا إليه إجارةَ مثلِ الأرضِ إلى أن يَسْتَحْصِدَ الزرعُ؛ لأنّ الزارعَ كان غيرَ مُتَعَدٍّ، وإنْ كان لا يَسْتَغْنِي عن السَّقْيِ .. قيلَ للغرماءِ: إنْ تَطَوَّعْتُم بأن تُنْفِقُوا عليه حتّى يَسْتَحْصِدَ فتَأخُذُوا نفقتَكم مع مالِكم بأن يَرْضاه صاحبُ الزرعِ، وإن لم تَشاؤوا وشِئتُم البيعَ فبِيعوه بحالِه.

(١٣٣٧) قال الشافعي: ولو باعه زيتًا فخَلَطَه بمثلِه أو أرْدَأ .. فله أن يَأخُذَ متاعَه بالكيلِ أو الوزنِ، وإنْ خَلَطَه بأجْوَدَ .. ففيها قولان:

أحدُهما: لا سبيلَ له إليه؛ لأنّه لا يَصِلُ إلى مالِه إلّا زائدًا بمالِ غريمِه، وهو أصَحُّ، وبه أقولُ، ولا يُشْبِهُ الثوبَ يُصْبَغُ، ولا السَّوِيقَ يُلَتُّ؛ لأن ذا عينُ مالِه فيه زيادةٌ، والذائبُ إذا اخْتَلَطَ انْقَلَبَ (١)، حتّى لا يُوجَدَ عينُ مالِه (٢).

والقول الثاني: أن يُنْظَرَ إلى قيمةِ زَيْتِه والمخلوطِ به مُتَمَيِّزَيْن، ثُمّ يَكونُ شريكًا بقدرِ قيمةِ زَيْتِه، ويَضْرِبُ (٣) مع الغرماءِ بدَيْنِه.

قال المزني: قلت أنا (٤): هذا أشْبَهُ بقولِه؛ لأنّه جَعَلَ زَيْتَه إذا خُلِطَ بأرْدَأ وهو لا يَتَمَيَّزُ عينَ مالِه؛ كما جَعَلَ الثوبَ يُصْبَغُ ولا يُمْكِنُ (٥) فيه التمييزُ عينَ مالِه، فلمّا قَدَرَ على قَسْمِ الزيتِ بكيلٍ أو وزنٍ بلا ظلمٍ قَسَمَه، ولمّا لم يَقْدِرْ على قَسْمِ الثوبِ والصِّبْغِ أشْرَكَهُما فيه بالقيمةِ، فكذلك لا يَمْنَعُ


(١) كذا في ظ س، وفي ز: «انفلت»، ويحتمل الوجهين في ب.
(٢) قال الرافعي في «العزيز» (٧/ ٢٥٥): «ومعناه: أن الاختلاط إذا حصل لم تمكن الإشارة إلى شيء من المخلوط بأنه المبيع، فكأنه هلك، بخلاف الثوب المصبوغ والسَّوِيق الملتوت»، قال: «ومن هذا الفرق خرّج مخرجون في الخلط بالمثل والأردأ قولًا آخر: أنه ينقطع به حق الرجوع»، قال النووي في «الروضة» (٤/ ١٦٩): «وليس بشيء».
(٣) كذا في ظ، وفي ز ب س: «أو يضرب».
(٤) «قلت أنا» من ب س.
(٥) كذا في ظ ب، وفي ز س: «ويمكن».