للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(١٦٩٧) ولو (١) اكْتَراها ليَزْرَعَها قَمْحًا .. فله أن يَزْرَعَها ما لا يَضُرُّ بالأرضِ إلّا ضِرارَ القَمْحِ (٢)، وإنْ كان يَضُرُّ بها، مثلَ: عُرُوقٍ تَبْقَى فيها .. فليس ذلك له، فإنْ فَعَلَ فهو مُتَعَدٍّ، ورَبُّ الأرضِ بالخيارِ، إنْ شاء أخَذَ الكراءَ وما نَقَصَت الأرضُ عمّا يَنْقُصُها زَرْعُ القَمْحِ، أو يَأخُذُ منه كِراءَ مثلِها.

قال المزني: يُشْبِهُ أن يَكُونَ الأوَّلُ أوْلى به (٣)؛ لأنّه أخَذَ ما اكْتَرَى وزادَ على المُكْرِي ضَرَرًا، كرجلٍ اكْتَرَى مَنْزِلًا يُدْخِلُ فيه ما يَحْمِلُ سَقْفُه، فجَعَلَ فيه أكْثَرَ فأضَرَّ ذلك بالمنزلِ، فقد اسْتَوْفَى سُكْناه وعليه قِيمَةُ ضَرَرِه، وكذلك لو اكْتَرَى مَنْزِلًا سُفْلًا فجَعَلَ فيه القَصّارِينَ والحَدّادِينَ فتَقَلَّعَ البِناءُ، فقد اسْتَوْفَى سُكْناه، وعليه بالتَّعَدِّي ما نَقَصَ المنْزِلُ (٤).

(١٦٩٨) قال الشافعي: فإنْ قال: ازْرَعْها ما شِئتَ .. فلا يُمْنَعُ مِنْ زَرْعِ ما شاء، وإنْ أراد الغِراسَ .. فهو غيرُ الزَّرْعِ، وإنْ قال: ازْرَعْها واغْرِسْها (٥) ما شِئتَ .. فالكراءُ جائزٌ.


(١) كذا في ز ب س، وفي ظ: «أو».
(٢) كذا في ظ، وفي ز ب س: «إلا إضرار القمح».
(٣) كلمة «به» من ب وهامش س.
(٤) اختلف الأصحاب في مراد المزني بقوله: «يشبه أن يكون الأول أولى به»، فقال أبو علي الطبري والقاضي أبو حامد: أراد أولى وجهي الخيار، وهؤلاء قطعوا القول بالتخيير، وهو الأوفق لظاهر النص، وقال آخرون: أراد الإشعار بأن طرفي التخيير قولان: اختيار المزني أن الواجب المسمى وبدل النقصان، واختار أبو إسحاق وجوب أجرة المثل، والمذهب من الطريقين الأول، قال إمام الحرمين في «النهاية» (٨/ ٢٤٨): «من استنبط من كلام المزني القولين فهو غير منصفٍ؛ فإنّ ترك نص الشافعي - وهو صريح في الخِيرة - لا معنى له بخيالٍ في كلامِ المزني، على أنه يمكن حملُ كلامه إذ قال: «الأوّل أولى» أنه لا يؤثر التخير مذهبًا لنفسه، بل رأى ما ذكره الشافعي إحدى الخيرتين المذهبَ المجزوم، فإذا احتمل كلام المزني هذا فلا معنى لمخالفة النص، وليس للشافعي نص إلا التخيير، فمذهبه التخير إذًا». وانظر: «العزيز» (٩/ ٦٠٠) و «الروضة» (٥/ ٢١٧).
(٥) كذا في ظ س، وفي ز ب: «أو اغرسها»، والظاهر أن المثبت الصواب؛ لأن تعقيب المزني لا يرد على وجه «أو».