للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

غيرَهم، قال الشافعي: وبَنُو هاشمٍ وبَنُو المطَّلِبِ مُحَرَّمٌ عليهم الصدقاتُ المفروضاتُ، ولقد حَفِظْنَا الصَّدقاتِ عن عَدَدٍ كَثِيرٍ مِنْ المهاجرين والأنصار، ولقد حَكَى لي عَدَدٌ مِنْ أوْلادِهم وأهالِيهم أنّهم كانوا يَتَوَلَّوْنَها حتّى ماتُوا، تَنْقُلُ ذلك العامَّةُ منهم عن العامَّةِ، لا يَخْتَلِفُون فيه.

قال الشافعي: وإنّ أكثرَ ما عندنا بالمدينة ومكَّةَ مِنْ الصدقاتِ لَعَلَى ما وَصَفْتُ، لم يَزَلْ مَنْ تَصَدَّقَ بها مِنْ المسلمين مِنْ السلفِ يَتَوَلَّوْنَها حتّى ماتُوا، وإنَّ نَقْلَ الحديثِ فيها كالتَّكَلُّفِ (١).

(١٧٣٠) قال: واحْتَجَّ مُحْتَجٌّ بحديثِ شُرَيْحٍ أنّ محَمَّدًا جاء بإطلاقِ الحُبُسِ، فقال الشافعي (٢): الحُبُسُ الذي جاء بإطْلاقِه - لو كان حديثُك ثابتًا - كان على ما كانت العربُ تَحْبِسُ مِنْ البَحِيرَةِ والوَصِيلَةِ والحامِ؛ لأنّها كانت أحْباسَهُم (٣)، لا نَعْلَمُ جاهِلِيًّا حَبَسَ دارًا على وَلَدٍ ولا في سبيلِ الله ولا على مساكينَ، وأجازَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لعُمَرَ الحَبْسَ على ما رَوَيْنا، والذي جاء بإطْلاقِه غيرُ الحَبْسِ الذي أجازه -صلى الله عليه وسلم-.

(١٧٣١) قال الشافعي: واحْتَجَّ مُحْتَجٌّ بقولِ شُرَيحٍ: «لا حَبْسَ عن


(١) كذا في ز ب س، وفي ظ: «كالتكليف».
(٢) كذا في س: «فقال»، وفي ز ب: «قال الشافعي»، وسقط من ظ رأسًا.
(٣) أما «البَحِيرَة» .. فقال محمد بن إسحاق: «البحيرة بنت السائبة، والسائبة: الناقة تتابع بين عشر بطون إناث، فإذا فعلت ذلك سُيِّبَتْ ولم تُرْكَبْ ولم يُجَزَّ وَبَرها، ولم يَشرَبْ لبنَها إلا ضيف»، قال: «فإن ولدت أنثى بعد ذلك شَقّوا أذنها وبَحَروها ثم خُلِّي سبيلها»، قال أبو منصور في «الزاهر» (ص: ٣٦١): «وأصل البَحْر: الشَّق، ومنه سمي البحر بحرًا؛ لأن الله تعالى خلقه مشقوقًا في الأرض شقًّا، وسميت الأم سائبة؛ لأنها سُيِّبت فسابت في الأرض لا تُمنَع عن كلإ ولا ماء ولا مرتع، و «الوصيلة»: الشاة إذا أَتْأمت عشر إناث، عَنَاقَينِ عَنَاقَينِ، ليس فيهن ذكر .. جُعِلت وصيلةً، وجعلوا ما ولدت بعد ذلك للذكور دون الإناث، وأما «الحامي» .. فهو الفحل ينتج من صلبه عشرة أبطن، يقال: «حمى ظهره»، ويخلى ولا يركب».