تقدم معنا أن الإيمان بالله -سبحانه وتعالى- يتضمن أربعة أمور:
الأمر الأول: الإيمان بوجود الله. والأمر الثاني: الإيمان بربوبية الله. والأمر الثالث: الإيمان بألوهية الله. والأمر الرابع: الإيمان بأسماء الله الحسنى وصفاته العلا.
وتكلمنا عن الإيمان بوجود الله، -وهو باب عظيم ومهم-، وانظر ما عليه كثير من الناس اليوم في كثير من بقاع الأرض من الإلحاد. فإنَّ كثيرًا من الناس اليوم مع التقنيات الحديثة ومع الفتن المدلهمة قد اتجهوا إلى الإلحاد، وهو إنكار وجود الله -سبحانه وتعالى-.
وقد ذكرنا سابقًا طرفًا من أدلة وجود الله -سبحانه وتعالى-.
والإيمان بوجود الله -سبحانه- له أدلة كثيرة، فقد دلَّ عليه: العقل، والحس، والفطرة، والشرع.
قد تجد إنسانًا ملحدًا لا يؤمن بوجود الله، ولا يؤمن بالقرآن ولا يؤمن بالسنة، فلا يمكن أن يُحتَجَّ عليه بالنصوص؛ لأنه بداهة لا يؤمن بهذا الدين. فيقال: إن الأدلة على وجود الله -سبحانه وتعالى- كثيرة منها: دلالة العقل، والحس، والفطرة، والشرع.
[دلالة العقل على وجود الله]
أما الدليل العقلي على وجود الله-سبحانه- فهو ما نبَّهْنا عليه في الدرس الماضي: وهو: أن هذا الكون الذي أمامنا، ونشاهده على هذا النظام البديع الذي لا يمكن أن يضطرب، ولا يتصادم، ولا يُسقِطَ بعضُه بعضًا، بل هو في غاية ما يكون من النظام كما قال ربنا سبحانه: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠)} [يس]. فهو نظام بديع إذا تأملت رأيت عجبًا. فهل يعقل كما ذكرنا عن أبي حنيفة -رحمه الله تعالى- أن يكون هذا الكون البديع والفسيح بهذا النظام
(١) كان في يوم الأربعاء التاسع والعشرين من شهر شعبان ١٤٤١ هـ.