للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من فوائد الآية]

إذًا ماذا يستفاد من هذه الآية المباركة؟

يستفاد من هذه الآية المباركة -كما ذكر الحافظ ابن كثير وغير واحد من أهل العلم-: أنَّ الإيمان أخصُّ من الإسلام، يعني أنَّ هناك فرقًا بين الإسلام وبين الإيمان، فأنت تقول: "أنا مسلم". وتقول: "أنا مؤمن إن شاء الله". ففرق بين كلمة الإسلام وكلمة الإيمان.

[الفرق بين كلمة الإسلام وكلمة الإيمان]

ولهذا تكلم العلماء -رحمهم الله- في هذه المسألة، وذكروا الفرق بين الإسلام والإيمان. وحاصل ما ذكره العلماء في التفريق أنَّ لكلمة الإسلام وكلمة الإيمان قاعدةً تضبطهما، ما هي هذه القاعدة؟ وانتبه معي لهذه القاعدة: قال العلماء: هاتان الكلمتان "إذا اجتمعتا افترقتا، وإذا افترقتا اجتمعتا". ما معنى هذه القاعدة؟

[إذا اجتمعتا في سياق واحد]

بأن جاء ذكر الإسلام وذكر الإيمان في دليل واحد، كآية أو حديث، مثل هذه الآية: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} قالوا: إذا اجتمعت الكلمتان في نص واحد كآية أو حديث أو سياق فهناك فرق بينهما. ما هو الفرق؟

الفرق بينهما ما جاء توضيحه في حديث جبرائيل -عليها السلام- وهو الحديث المشهور أنه جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله: مَا الإِيمَانُ؟ قَال: «الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَبِلِقَائِهِ، وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ». قَالَ: مَا الإِسْلَامُ؟ قَالَ: «الإِسْلَامُ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ، وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ» (١). ففسَّر له الإسلام بالأعمال الظاهرة. وفسَّر له الإيمان بالأعمال الباطنة.

فإذا ذُكِر الإسلام والإيمان في نصٍّ واحد كآية أو حديث أو سياق، كان تفسير الإسلام بالأعمال الظاهرة وتفسير الإيمان بالأعمال الباطنة.

لهذا يدخل الإنسان في الإسلام بقوله: "أشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ" فإن قال ذلك فهو من المسلمين، له ما للمسلمين، وعليه ما على المسلمين. ثم


(١) رواه البخاري (٥٠)، ومسلم (١٠) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، ورواه مسلم (٨) بنحوه عن عمر -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>