للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفكر رسولنا -صلى الله عليه وسلم- وتأمله]

وقد روى أبو حاتم ابن حبان في صحيحه عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ لِعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: قَدْ آنَ لَكَ أَنْ تَزُورَنَا، فقَالَ: أَقُولُ يَا أُمَّهْ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ: زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا، قَالَ: فَقَالَتْ: دَعُونَا مِنْ رَطَانَتِكُمْ هَذِهِ، قَالَ ابْنُ عُمَيْرٍ: أَخْبِرِينَا بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: فَسَكَتَتْ ثُمَّ قَالَتْ: لَمَّا كَانَ لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي، قَالَ: «يَا عَائِشَةُ ذَرِينِي أَتَعَبَّدُ اللَّيْلَةَ لِرَبِّي» قُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَكَ، وَأُحِبُّ مَا سَرَّكَ، قَالَتْ: فَقَامَ فَتَطَهَّرَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، قَالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ حِجْرَهُ، قَالَتْ: ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ، قَالَتْ: ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ الْأَرْضَ، فَجَاءَ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ، فَلَمَّا رَآهُ يَبْكِي، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ تَبْكِي وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ؟، قَالَ: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا، لَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ آيَةٌ، وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٠)} [آل عمران] الْآيَةَ كُلَّهَا» (١)

وفي الصحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «اقْرَأْ عَلَيَّ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ، قَالَ: «نَعَمْ» فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الآيَةِ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (٤١)} [النساء]، قَالَ: «حَسْبُكَ الآنَ» فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. (٢)

وفي السنن عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ


(١) أخرجه ابن حبان (٦٢٠). ورواه عبد بن حميد في تفسيره وابن أبي الدنيا في كتاب التفكر والاعتبار -كما في تفسير ابن كثير (٢/ ١٨٩) -، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٤٦١٨) والخرائطي مختصرا في اعتلال القلوب (٦١٠) وأبو الشيخ الأصبهاني في أخلاق النبي (٥٤٤، ٥٦٨) وأبو الليث السمرقندي في تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين (٩١٨) وفي تفسيره بحر العلوم (١/ ٢٧٤) وابن مردويه في تفسيره -كما في تفسير ابن كثير (٢/ ١٨٩) - ومن طريقه وطريق غيره أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب (٦٦٦، ١٩٥١) -، وأبو العباس المستغفري في فضائل القرآن (٤٩١). وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (١٤٦٨) وفي السلسلة الصحيحة (٦٨) وحسنه شيخنا الوادعي في «الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين» (٣٩٧٤)
(٢) أخرجه البخاري (٥٠٥٠) ومسلم (٨٠٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>