للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلَاءً؟ قَالَ: «الْأَنْبِيَاءُ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ الصَّالِحُونَ، إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيُبْتَلَى بِالْفَقْرِ، حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُهُمْ إِلَّا الْعَبَاءَةَ يَحُوبُهَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيَفْرَحُ بِالْبَلَاءِ، كَمَا يَفْرَحُ أَحَدُكُمْ بِالرَّخَاءِ» رواه ابن ماجه (١) واليوم الناس ينزعجون من الابتلاء، فيجزعون ولا يصبرون، وما علموا أنهم لو صبروا واحتسبوا، فإن ذلك خير ورفعةٌ لهم عند الله -جل وعلا-. كما في صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ» (٢) وقد روى الترمذي بسند ضعيف عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يَوَدُّ أَهْلُ العَافِيَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ حِينَ يُعْطَى أَهْلُ البَلَاءِ الثَّوَابَ لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ فِي الدُّنْيَا بِالمَقَارِيضِ» (٣). وروي ابن أبي شيبة عَنْ رَجُلٍ مِنَ النَّخَعِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: «يَوَدُّ أَهْلُ الْبَلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ تُقْرَضُ بِالْمَقَارِيضِ» (٤)

[السعي لطلب الرزق]

ومن مقتضى بشرية الأنبياء أنهم يعملون ويشتغلون كما يعمل غيرهم ومن ذلك اشتغالُ النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتجارة قبل البعثة ورعيُه للغنم، بل وأخبر -صلى الله عليه وسلم- أنه «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الغَنَمَ» (٥). وقد قصَّ الله -جل وعلا- علينا من خبر موسى -عليها السلام- في كتابه أنه قال له العبد الصالح: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ


(١) أخرجه ابن ماجه (٤٠٢٤) وصححه ابن حبان (٢٩٠٠) والحاكم (١١٩) وحسنه الألباني في الصحيحة (١٤٤) وشيخنا الوادعي في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين (١١٥٤)
(٢) صحيح البخاري (٥٦٤٥)
(٣) أخرجه الترمذي (٢٤٠٢) عن عبد الرحمن بن مغراء أبي زهير، عن الأعمش، عن أبي الزبير، عن جابر، ثم قال: وهذا حديث غريب لا نعرفه بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه وقد روى بعضهم هذا الحديث عن الأعمش، عن طلحة بن مصرف، عن مسروق، قوله شيئا من هذا ا. هـ قلت: عبد الرحمن بن مغراء ضعيف في روايته عن الأعمش خاصة كما في التهذيب. وقد رواه ابن أبي شيبة (٢/ ٤٤٣) رقم (١٠٨٢٩) عن الثوري عن الأعمش عن طلحة بن مصرف عن مسروق قَالَ: «يَوَدُّ أَهْلُ الْبَلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ أَجْسَادَهُمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا تُقْرَضُ بِالْمَقَارِيضِ» والثوري أوثق من روى عن الأعمش. وانظر: العلل للدارقطني (٣٢٢٩) والسلسلة الصحيحة للألباني (٢٢٠٦)
(٤) مصنف ابن أبي شيبة (٧/ ٢٣٢) رقم (٣٥٦٠١)
(٥) البخاري (٢٢٦٢) واللفظ له عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، ومسلم (٢٠٥٠) عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>