للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِخْلَاصِ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ كُلَّ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَأَبْطَأْتُمْ فِي الْعَمَلِ، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ مِنْ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ مُغْدِرَةٍ، لَأَضَاءَتْ لَهَا الْأَرْضُ أَفْضَلَ مِمَّا يُضِيءُ الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَلَوَجَدَ رِيحَ نَشْرِهَا جَمِيعُ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ ثَوْبًا مِنْ ثِيَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ نُشِرَ الْيَوْمَ فِي الدُّنْيَا، لَصَعِقَ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَمَا حَمَلَتْهُ أَبْصَارُهُمْ. (١)

وعنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: جَلَسْنَا إِلَى كَعْبِ الْأَحْبَارِ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُحَدِّثُ، فَجَاءَ عُمَرُ -رضي الله عنه- فَجَلَسَ فِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ فَنَادَاهُ فَقَالَ: «وَيْحُكَ يَا كَعْبُ خُوِّفْنَا» فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ النَّارَ لَتُقَرَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ حَتَّى إِذَا أُدْنِيَتْ وَقُرِّبَتْ زَفَرَتْ زَفْرَةً مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ وَلَا صِدِّيقٍ وَلَا شَهِيدٍ إِلَّا وَجَثَا لِرُكْبَتَيْهِ سَاقِطًا، حَتَّى يَقُولَ كُلُّ نَبِيٍّ وَكُلُّ صِدِّيقٍ وَكُلُّ شَهِيدٍ: اللَّهُمَّ لَا أُكَلِّفُكَ الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي، وَلَوْ كَانَ لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ عَمَلُ سَبْعِينَ نَبِيًّا لَظَنَنْتُ أَنْ لَا تَنْجُوَ، قَالَ عُمَرُ: «وَاللَّهِ إِنَّ الْأَمْرَ لَشَدِيدٌ» (٢)

[الظل في النار]

وأما ظلالها فإن الله -جل وعلا- يقول: {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (٤٤)} [الواقعة] وهذا الظل هو دخان النار. قاله ابن عباس ومجاهد وغيرهما (٣)


(١) الزهد والرقائق لابن المبارك (٢٢٥) -ومن طريقه أبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (٥/ ٣٦٨) -. وشريح قال المزي: لم يدرك كعبا. لكن له شواهد تدل على أن له أصلا. فقد رواه عفان بن مسلم في حديثه (٢٤) وعبد الرزاق في تفسيره (١٥٢٥) والإمام أحمد في الزهد (٦٤١) وأبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (٥/ ٣٦٨، ٣٩٠) من طريق جعفر بن سليمان، عن علي بن زيد، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن كعب قال: كنت عند عمر فقال لي: يا كعب خوفنا، … فذكر نحوه. ومنه الزيادة الثانية والثالثة. ورواه أبو نعيم أيضا من طريق سعيد بن أبي هلال، أن عمر قال لكعب: خوفنا، فذكر نحوه. ومنه الزيادة الأولى والرابعة والخامسة. وتقدم بعضه في حديث مسروق عن ابن مسعود في مبحث آخر أهل الجنة دخولا الجنة. وانظر ما بعده.
(٢) رواه ابن أبي شيبة (٧/ ٤٩) رقم (٣٤١٢٨) -ومن طريقه أبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (٥/ ٣٧١) -. وهشام بن عمار في حديثه (١٢٨)، وإسناده حسن.
(٣) ينظر: تفسير ابن كثير ت سلامة (٧/ ٥٣٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>