للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجلس الحادي عشر (١)

[مقامات وحي الله إلى الرسل]

ومما ذكره العلماء في مسألة الإيمان بالرسل ما يتعلق بمقامات وحي الله إلى رسله، وفي ذلك يقول ربنا -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١)} [الشورى]. فالمقامات ثلاثة: أولها: الإلقاء في روع النبي الموحى إليه بحيث لا يمتري النبيُّ بأن هذا الذي أُلقِي في قلبه من الله -جل وعلا- كما جاء في المستدرك عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لَيْسَ مِنْ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى الْجَنَّةِ، إِلَّا قَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ، وَلَا عَمَلٌ يُقَرِّبُ إِلَى النَّارِ، إِلَّا قَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، لَا يَسْتَبْطِئَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ رِزْقَهُ فَإِنَّ جِبْرِيلَ -عليها السلام- أَلْقَى فِي رُوعِيَ أَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَنْ يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَكْمِلَ رِزْقَهُ، فَاتَّقُوا اللَّهَ أَيُّهَا النَّاسُ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، فَإِنِ اسْتَبْطَأَ أَحَدٌ مِنْكُمْ رِزْقَهُ، فَلَا يَطْلُبْهُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُنَالُ فَضْلُهُ بِمَعْصِيَةٍ» (٢) قال الشافعي: الرَّوْع: الفزع. والرُّوْع: القلب (٣).

وقال بعض أهل التفسير في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا


(١) كان في يوم الثلاثاء الخامس من شهر رمضان ١٤٤١ هـ.
(٢) رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (٢١٣٦) - وعنه البيهقي في القضاء والقدر (٢٣٥) وفي كتاب الاعتقاد (ص ١٧٣) وفي المدخل (١٦٨) - عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ [كذا]، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ به. وسعيد بن أبي هلال كان قد اختلط قاله الإمام أحمد. لكنه هنا من رواية القدماء عنه. وسعيد الثقفي وشيخه مجهولان. ويونس هو ابن كثير وليس ابن بكير، وجاء على الصواب في كتاب الاعتقاد للبيهقي وفي إتحاف المهرة لابن حجر (١٤٠٠٨). وللحديث طريق أخرى فيها انقطاع وشواهد من حديث حذيفة وأبي أمامة وأنس ومالك بن ربيعة -رضي الله عنهم- وقد جمعتها في جزء فالحديث صحيح بشواهده. ولجملة «لَا يَسْتَبْطِئَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ رِزْقَهُ … فَاتَّقُوا اللَّهَ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ» شواهد أيضا من حديث جابر وعمر وأبي حميد الساعدي -رضي الله عنهم- وهي مخرجة في الجزء المشار إليه.
(٣) رواه عنه البيهقي في مناقب الشافعي (١/ ٣٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>