للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عيب أهل الكتاب على المؤمنين إيمانهم بالكتب]

ومن جحود اليهود والنصارى أهل الكتاب وكفرهم وعنادهم أنهم عابوا على المؤمنين إيمانهم بالكتب المنزلة كما قال تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (٥٩)} [المائدة]. أي: هل تعيبون علينا وتنكرون منا إلا أننا آمنا بالله ووحدناه، وآمنا بجميع كتبه ورسله، وذلك أمر لا ينكر ولا يعاب. (١)

قال أبو حيان: وهذه محاورة لطيفة وجيزة تنبه الناقم على أنه ما نقم عليه إلا ما لا ينقم ولا يعد عيبا ا. هـ (٢)

ونظير هذا في الاستثناء العجيب قول الله تعالى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨)} [البروج] أي ما أنكر الكفار على المؤمنين إلا أنهم آمنوا بالله، وهذا لا ينبغي أن ينكر.

ومثله قول النابغة:

وَلَا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ … بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ

[تكرار ذكر الإيمان بالكتب في سورة البقرة]

قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: تَضَمَّنَتْ هَذِهِ السُّورَةُ الْوَاحِدَةُ -يعني سورة البقرة- جَمِيعَ مَا يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِي الدِّينِ وَأُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ، وَافْتَتَحَهَا بِالْإِيمَانِ بِالْكُتُبِ وَالرُّسُلِ، وَوَسَّطَهَا بِالْإِيمَانِ بِالْكُتُبِ وَالرُّسُلِ، وَخَتَمَهَا بِالْإِيمَانِ بِالْكُتُبِ وَالرُّسُلِ. فَإِنَّ الْإِيمَانَ بِالْكُتُبِ وَالرُّسُلِ هُوَ عَمُودُ الْإِيمَانِ وَقَاعِدَتُهُ وَجِمَاعُهُ ا. هـ (٣)

يشير -رحمه الله تعالى- إلى قوله تعالى في أولها: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤)} [البقرة] فَالْإِيمَانُ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْهِ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِهِ يَتَضَمَّنُ الْإِيمَانَ بِالْكُتُبِ وَالرُّسُلِ وَالْمَلَائِكَةِ ثُمَّ قَالَ: {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤)} وَالْإِيمَانُ بِاَللَّهِ


(١) انظر: تفسير الطبري ط هجر (٨/ ٥٣٧)، وتفسير ابن جزي "التسهيل لعلوم التنزيل" (١/ ٢٣٦)
(٢) البحر المحيط في التفسير (٤/ ٣٠٣)
(٣) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (٥/ ٦٤) وانظر: مجموع الفتاوى (١٤/ ١٣٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>