للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ -رضي الله عنه- إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ نحيفٌ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ، ثُمَّ قَالَ: «كُنَيْفٌ (١) مُلِئَ عِلْمًا؟ كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلْمًا» - يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه-. (٢)

[حديث البطاقة]

والتوحيد والإخلاص هو أعظم ما تثقل به الموازين. ومن مواقف الميزان العظيمة ما أخبرنا عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- في قصة الرجل الذي عُرِفَ عند العلماء بـ"قصة صاحب البطاقة" في حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ اللَّهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُؤُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا، كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَقُولُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ. فَيَقُولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ. فَيَقُولُ: بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً فَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ، فَتَخْرُجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولُ: احْضُرْ وَزْنَكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلاَّتِ؟! فَقَالَ: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ. قَالَ: فَتُوضَعُ السِّجِلاَّتُ فِي كِفَّةٍ وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ، فَطَاشَتِ السِّجِلاَّتُ، وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ، فَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ شَيءٌ» (٣).


(١) قال الجوهري في الصحاح (مادة كنف): "الكِنْف بالكسر: وعاء تكون فيه أداة الراعي، وبتصغيره جاء الحديث: كُنَيْفٌ مُلِئَ علمًا". ا. هـ والتصغير هنا يراد به المدح والتعظيم.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (١٥٥٠) وابن سعد في الطبقات الكبرى (٢/ ٣٤٤، ٣/ ٦٥) وابن أبي شيبة في المصنف (٣٢٢٣٦) والحاكم في المستدرك (٥٣٩١) -وعنه البيهقي في المدخل (١٠٠) -. وأبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (١/ ١٢٩) وفي معرفة الصحابة (٤٤٩٣). ورواه عبد الرزاق الصنعاني في المصنف (١٨١٨٧) -ومن طريقه الطبراني في المعجم الكبير للطبراني (٩/ ٣٤٩) رقم (٩٧٣٥) من طريق قتادة عن عمر وهذا منقطع فقتادة لم يدركهما. وأخرجه محمد بن الحسن الشيباني (٦٠٧) في زوائده على موطأ مالك الخبر أخبرنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم وذكر قصة عن عمر. وله طرق أخرى.
(٣) أخرجه الترمذي (٢٦٣٩) وابن ماجه (٤٣٠٠) وصححه ابن حبان (٢٢٥) والحاكم (٩، ١٩٣٧) وقال في الموضع الأول: على شرط مسلم ووافقه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (١٣٥) وقال في الموضع الثاني صحيح الإسناد ا. هـ وهو الصواب فإن الحديث ليس على شرط مسلم فهو من رواية الليث بن سعد قال حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُلِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو فذكره. ورجاله رجال مسلم لكنه لم يرو بهذه السياقة في صحيحه شيء. وعامر ليس له في صحيح مسلم إلا حديث واحد يرويه عن حنش الصنعاني كما في تهذيب الكمال في أسماء الرجال (١٤/ ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>