للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول ربنا -سبحانه وتعالى- في خاتمة سورة يونس: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٦) وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٠٧)}.

[الآية التي قطعت عروق الشرك]

وهناك آية يقول عنها العلماء كابن القيم وغيره من أهل العلم: "إنها تقطع عروق شجرة الشرك من القلب" (١) يعني أنها تَرُدُّ على كل شبه المشركين الذين تجد عندهم اعترافًا ضمنيًّا بأن الله هو الخالق، الرازق، المحيي، المالك، المدبر، ثم يشركون معه غيره، فما هي هذه الآية التي تقطع عروق الشرك؟

هي قول الله-سبحانه-في سورة سبأ: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (٢٢)}.

{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ} كل ما يُدعَى {مِنْ دُونِ اللَّهِ}، انظر ماذا يقول ربنا -سبحانه- فيهم: {لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} وهذا هو الأمر الأول أنهم لا يملكون شيئًا! إذًا لا يستحقون العبادة، لماذا؟ لأنَّ المالك هو الله.

الأمر الثاني: {وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ} إذا أقر بعض الناس بأن المالك هو الله -سبحانه وتعالى-، وقد ينازع بعضهم فيقول: هؤلاء لهم شيء مثل ما يقول بعض المؤمنين بالأقطاب والأولياء {وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ} ولا جزء بسيط.

والأمر الثالث: قال الله: {وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (٢٢)} يعني ليس لله وزير ولا معاون، ولا يحتاج إلى أحد -سبحانه وتعالى- فهو الأحد الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد.


(١) انظر: كلام شيخ الإسلام في التسعينية (٢/ ٥٢٦) المسائل والأجوبة (ص: ١١٧) واقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (٢/ ٢٢٦) والإخنائية أو الرد على الإخنائي ت العنزي (ص: ٩٩) وسيأتي كلام ابن القيم وانظر: القول السديد للسعدي (٦٧)، ومجموع فتاوى ابن عثيمين (٩/ ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>