للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نهر الكوثر]

ومما خصَّ الله -عز وجل- به نبيه -صلى الله عليه وسلم- الكوثرُ ونزل في ذلك سورة عظيمة،

قال الله تعالى: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)} [الكوثر].

[الكوثر نهر في الجنة]

قال الْمُخْتَارُ بْنُ فُلْفُلٍ، عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه-، أنه قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فِي الْمَسْجِدِ إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا، فَقُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ» فَقَرَأَ: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)} [الكوثر: ١ - ٣]. ثُمَّ قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟» فَقُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي -عز وجل-، عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ، هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، فَيُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ، فَأَقُولُ: رَبِّ، إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي فَيَقُولُ: مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ بَعْدَكَ» رواه الإمام مسلم (١)

[تفسير ابن عباس -رضي الله عنهما- للكوثر]

روى البخاري في صحيحه عنْ هُشَيْمٍ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-، قَالَ: «الكَوْثَرُ: الخَيْرُ الكَثِيرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ» قَالَ أَبُو بِشْرٍ: قُلْتُ لِسَعِيدٍ: إِنَّ أُنَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهَرٌ فِي الجَنَّةِ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: «النَّهَرُ الَّذِي فِي الجَنَّةِ مِنَ الخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ» (٢) وقول سعيد بن جبير يبين أنه لا اختلاف بين قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين قول ابن عباس -رضي الله عنهما-.

ولعطاء بن السائب فيه إسناد آخر: قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ: قَالَ لِي مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ: مَا سَمِعْتَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَذْكُرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-، فِي الْكَوْثَرِ؟ فَقُلْتُ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: هَذَا الْخَيْرُ الْكَثِيرُ، فَقَالَ مُحَارِبٌ: سُبْحَانَ اللَّهِ،


(١) رواه مسلم (٤٠٠) وفي رواية له قَالَ: «نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي -عز وجل- فِي الْجَنَّةِ عَلَيْهِ حَوْضٌ»
(٢) صحيح البخاري (٦٥٧٨، ٤٩٦٦) ووهم الحاكم فخرجه في المستدرك (٣٩٧٩) وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه!.

<<  <  ج: ص:  >  >>