للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي، وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا، فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. قَالَ: وَمِصْدَاقُهُ فِي كِتَابِ اللهِ -عز وجل-: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)} [السجدة: ١٧] الْآيَةَ» (١).

فأدنى أهلِ الجنة منزلةً فيها لهُ ملكُ الدنيا وعشرةُ أمثالِها، فيا سبحان الله ما أعظم هذا النعيم! وما أسفه عقولنا حين نُقدِّمُ الدنيا على هذا النعيم الباقي!! وسيأتي معنا ذكر الأحاديث في آخر أهل الجنة دخولا الجنة وما له من النعيم.

[المنزلة العالية في الجنة لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-]

وفي الجنة منزلة عظيمة عالية رفيعة لا ينالها إلا رجلٌ واحدٌ هو نبينا المصطفى وإمامنا المجتبى محمد -صلى الله عليه وسلم-.

وهذه المنزلة هي الوسيلة التي أمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نسأل الله -عز وجل- أن تكون له،

وأن نقول في دعائنا بعد سماع الآذان: «اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ القَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ» (٢)

فالوسيلة هي هذه الدرجة الرفيعة التي أُمِرْنا أن نسألها للنبي -صلى الله عليه وسلم-

قال -عليه الصلاة والسلام-: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» (٣)

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَيَّ، فَاسْأَلُوا اللهَ لِي الْوَسِيلَةَ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الْوَسِيلَةُ؟ قَالَ: «أَعْلَى دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ، لَا يَنَالُهَا إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ» (٤)


(١) أخرجه مسلم (١٩٨) من حديث المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه-.
(٢) أخرجه البخاري (٦١٤) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-.
(٣) أخرجه مسلم (٣٨٤) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-.
(٤) أخرجه أحمد (١٣/ ٤٠) رقم (٧٥٩٨) والترمذي (٣٦١٢) وقال: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَإِسْنَادُهُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ ا. هـ من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وصححه الألباني لشواهده في الصحيحة (٣٢٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>