للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٦٩] وَفِي صَحِيحِ الْحَاكِمِ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه-: «أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- لَبِسَ خَشِنًا، وَأَكَلَ خَشِنًا، وَلَبِسَ الصُّوفَ، وَاحْتَذَى الْمَخْصُوفَ». قِيلَ: لِلْحَسَنِ: مَا الْخَشِنُ؟ قَالَ: غَلِيظُ الشَّعِيرِ، مَا كَانَ يُسِيغُهُ إِلَّا بِجُرْعَةِ مَاءٍ. (١) ا. هـ (٢)

[وصف الله لأنبيائه بمقام العبودية]

وكان أنبياء الله ورسله من أحسن الناس عبادةً وتحقيقًا للعبودية لله -جل وعلا- ولهذا وصف الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- بهذا المقام العظيم وهو مقام العبودية في مواضع كثيرة من كتابه:

فقال سبحانه يصفه به في مقام الوحي: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (١٠)} [النجم]. وبعض الناس يعتقد أن الوصف بالعبودية لله من أوصاف النقص. وليس كذلك بل إنه من أعظم أوصاف العبد؛ ولهذا نجد أنَّ الله سبحانه:

وصف نبيه في مقام الوحي بالعبودية، فقال: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى}.

ووصفه بها في مقام إنزال الكتب: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (١)} [الفرقان].

ووصفه بها في مقام الدعوة، فقال سبحانه: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (١٩)} [الجن].

وفي مقام الإسراء، فقال -جل وعلا-: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء].

فهذه العبودية التامة التي كان عليها أنبياء الله -عليهم السلام-.

وتصف لنا أمُّ المؤمنين عائشة، وكذا المغيرةُ بن شعبة -رضي الله عنهما- جانبًا من عبادته -صلى الله عليه وسلم- وقد رأوه يقوم الليل حتى تتفطر قدماه، فقيل له في ذلك: يا رسول الله تفعل ذلك وقد غفر


(١) المستدرك على الصحيحين (٧٩٢٥) ورواه ابن ماجه (٣٣٤٨، ٣٥٥٦). وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي فقال: لم يصح. وقال المنذري في الترغيب والترهيب (٤/ ١٠٠): رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم كِلَاهُمَا من رِوَايَة يُوسُف بن أبي كثير وَهُوَ مَجْهُول عَنْ نوح بن ذكْوَان وَهُوَ واه ا. هـ وقال أيضا في (٣/ ٧٨): يُوسُف لَا يعرف ونوح بن ذكْوَان قَالَ أَبُو حَاتِم لَيْسَ بِشَيْء ا. هـ والحديث في ضعيف الترغيب والترهيب للألباني (١٢٦٢، ١٩١٤)
(٢) انظر: «الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية» (٥/ ٤٤٩ - ٤٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>