للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الإنجيل فهو كتاب الله الذي أنزله على نبيه وعبده عيسى بن مريم -عليهما السلام- ليكون لبني إسرائيل هدًى ونورًا وموعظةً للمتقين، وقد نزل عليه جملةً واحدةً لثلاث عشرة خلت من رمضان.

وأما القرآن فهو كلام الله المنزلُ على رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- بواسطة جبريل، المنقولُ بالتواتر، والمتعبَّدُ بتلاوته، وقد أنزله الله جملة واحدة إلى بيت العزة في السماء الدنيا في ليلة القدر من شهر رمضان ثم نزل على نبينا -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك منجمًا ومفرَّقًا حسب الوقائع والأحداث.

وبيَّن في كتابه الحكمةَ من ذلك حين تساءل المشركون، فقال ربنا -جل وعلا-: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (٣٢) وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (٣٣)} [الفرقان]

قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: قَالُوا: {لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} أَيْ: هَلَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ هَذَا الْكِتَابُ الَّذِي أُوحِيَ إِلَيْهِ جُمْلَةً وَاحِدَةً، كَمَا نَزَلَتِ الْكُتُبُ قَبْلَهُ، كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ، وَغَيْرِهَا مِنَ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ. فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا أُنْزِلَ مُنَجَّمًا فِي ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً بِحَسَبِ الْوَقَائِعِ وَالْحَوَادِثِ، وَمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَحْكَامِ لِتَثْبِيتِ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ ا. هـ (١)

وقال -جل وعلا-: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} [الإسراء: ١٠٦]. أَيْ: لِتُبَلِّغَهُ النَّاسَ وَتَتْلُوهُ عَلَيْهِمْ {عَلَى مُكْثٍ} أَيْ: مَهَل {وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} أَيْ: شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. (٢). فنؤمن بأنَّ هذه الكتب إنما هي من عند الله وحيٌ، أنزلها الله-سبحانه- فما عرفنا اسمه تفصيلًا نؤمن به تفصيلًا، وما عرفناه إجمالًا نؤمن به إجمالًا، وكلُّ نبي بعثه الله وأنزل عليه كتابًا فنحن نؤمن به كما أمرنا الله -جل وعلا-.

[كيفية نزول القرآن]

ونزول القرآن كان نزول سماع؛ سمعه جبريل -عليها السلام- من رب العالمين -جل وعلا- وسمعه نبينا -صلى الله عليه وسلم- من جبريل -عليها السلام- غضا طريا. (٣)

وهذا النزول المذكور غير الكتابة التي دلت عليها الأدلة التي فيها:


(١) تفسير ابن كثير ت سلامة (٦/ ١٠٩)
(٢) المرجع السابق (٥/ ١٢٧)
(٣) ينظر: فتاوى العلامة محمد بن إبراهيم -رحمه الله- (١/ ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>